للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)} [المائدة: ٣].

فبَيَّن رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الدُّنيا أهون عند اللَّه أو علَى اللَّه من هَوَان هذه السخلة عند أهلها، إذ الدُّنيا لا قيمة لها، ولذَلكَ جاءَ عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر اللَّه، وما والاه، أو عالمًا أو متعلمًا" (١).

فَالدُّنيا ملعونةٌ، ملعونٌ ما فيها إلا ما استثنى رَسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا ذِكْر اللَّه؛ فذِكْرُ اللَّه تطمئنُّ به القلوب، وَحَياة الناس وَسَعادتهم إنما هي بذِكْرِ اللَّه سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)} [الرعد: ٢٨].

"ومَا وَالَاه"؛ أي: ما والَى ذكر اللَّه سبحانه وتعالى، من تقوى اللَّه سبحانه وتعالى، ونحوها.

"أَوْ عالمًا أو متعلمًا"، فلا شك أن من أفضل ما يَشْتغل به المرء في هذه الحياة أن يكون عالمًا أو متعلمًا، فإنَّ مَنْ سلك طريقًا يلتمس به علمًا، سَهَّل اللَّه له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بَيْتٍ من بُيُوت اللَّه يتلون كتاب اللَّه ويَتدَارسونه بينهم إلا غشيتهم الرحمة، وحَفَّتهم الملائكة، وَذَكَرهم اللَّه فيمن عنده (٢).


(١) أخرجه الترمذي (٢٣٢٢) وغيره، عن أبي هريرة، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "الصحيحة" (٢٧٩٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٩٩/ ٣٨)، عَنْ أَبي هُرَيرة، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفيه: ". . . ومَنْ سَلَكَ طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل اللَّه له به طَريقًا إلى الجنة، وَمَا اجتمعَ قومٌ في بيتٍ من بُيُوت اللَّه، يَتْلون كتابَ اللَّه، ويَتدَارسونه بينهم إلَّا نزلت عليهم السكينة، وَغَشيتهم الرحمة، وحَفَّتهم الملائكة، وَذَكَرهم اللَّه فيمَنْ عنده، ومَنْ بطَّأ به عمله، لم يُسْرع به نسبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>