للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ شَاءَ ثَنَّى، أَوْ ثَلَّثَ، أَوْ رَبَّعَ، أَوْ سَدَّسَ، أَوْ ثَمَّنَ (١)، دُونَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهَا بِسَلَامٍ، وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَصَلَاةِ النَّهَارِ؛ فَقَالُوا: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنى مَثْنَى، وَصَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعٌ) (٢).

والفريق الذي فَرَّق بين صلاة الليل وصلاة النهار، وقالوا: إن صلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة النهار أربعٌ، استندوا إلى الحديث المشهور المتفق عليه: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى" (٣)، حيث إن له منطوقًا (٤) ومفهومًا (٥)؛ فمنطوقه: أنَّ صلاة الليل مثنى مثنى، فيكون مفهومه المخالف: أنَّ صلاة النهار غير ذلك، وإن كان (أَرْبَعٌ) مجرد مفهوم، إلا أنه ثَبَتَ -أيضًا- في حديث عائشة أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى أربعًا لا تسألوا عن حُسنهن وطُولهن؛ يُشير بذلك إلى الحديثِ المتفق عليه، وهو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ -رضي اللَّه عنها-: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: "مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً؛ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا" (٦).

وأيضًا ورد في فضل الركعات قبل الظهر، وأنَّ مَن صَلَّى أربعًا يُسَلِّم فيهن تسليمة واحدة تُفتح لها أبواب السماء، فلعله أراد حديث أم


(١) تَقَدَّمَ.
(٢) تَقَدَّمَ.
(٣) أخرجه البخاري (٤٧٢)، ومسلم (٧٤٩).
(٤) المنطوق: ما فُهِم من دلالة اللفظ قطعًا في محل النُّطق. انظر: "الإحكام في أصول الأحكام " للآمدي (٣/ ٦٦).
(٥) المفهوم: ما فُهِم من اللفظ في غير مَحل النُّطق. انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٣/ ٦٦).
(٦) أخرجه البخاري (١١٤٧)، ومسلم (٧٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>