للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُعِيَ مِنْ بَاب الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ فَقَالَ أَبُو بَكرٍ: مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ: هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ" (١).

لكن ما نريد أن نتكلم عنه هنا يتعلَّق بُسنةٍ من السُنن المؤكدة، ألا وهي صلاة التراويح، فصلاة التراويح التي تُقام في رمضان، هل فَعَلَها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أن الذي فعلها عمر -رضي اللَّه عنه-؟ (٢).

لا شك أنه جاء في أحاديث أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج ذات ليلة في رمضان فصلى صلاته برجال، ثم خرج في الليلة الثانية فصلى وراءه أناس أكثر.

وجاء في حديث عائشة (٣): فلما كانت الليلة الثالثة أو الرابعة لم يخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الناس، فلما كان من اليوم التالي قال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قد رأيتم ما عملتم ولم أخرج عليكم؛ لأني خشيت أن تُفرض عليكم" (٤).


(١) أخرجه البخاري (٣٦٦٦).
(٢) مذهب الحنفية، يُنْظَرة "المبسوط" للسرخسي (٢/ ١٤٥) حيث قال: "في بيان كونها (أي: صلاة التراويح) سُنَّة مُتوارثة، أم تطوعًا مطلقة مبتدأة. فقال: اختلفوا فيها".
ومذهب المالكية، يُنْظَر: "الفواكه الدواني" (٢/ ٢٧١، ٢٧٢) حيث قال: "وقد صَلَّى التراويحَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، واختُلف في عدد الليالي التي صَلَّى فيها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- التراويحَ".
ومذهب الشافعية، يُنْظَر: "نهاية المطلب" للجويني (٢/ ٣٥٥) حيث قال: "أراد بقيام شهر رمضان: التراويح، ولست أُطيل ذِكْرَ ما كان من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما جرى لِعُمر -رضي اللَّه عنه-".
ومذهب الحنابلة، يُنْظَر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ١٢٢)، حيث قال: "وقيام شهر رمضان: عشرون ركعة، (يعني صلاة التراويح)، وهي سنة مؤكدة، وأول من سَنَّها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٣) سيأتي تخريجه.
(٤) قال القليوبي: "هذا يُشعر كما ترى أن صلاة التراويح لم تُشرع إلا في آخر سِني الهجرة؛ لأنَّه لم يُرد أنه صلاها مرة ثانية، ولا وقع عنها سؤال فراجعه". انظر: "شرح المحلي وحاشية القليوبي" (١/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>