للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرسلها على عباده، ويتفضل بها، وهو القائل: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥)} [يونس: ٥].

فاللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَهَبَ لعباده هذه الشمس، وفيها الضياء الذي لا يستغني عنه إنسان ولا حيوان ولا نبات.

ولو أن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- جعل الليل سرمدًا (١)، فمن يأتينا بضياء؟

ولو جعل -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- النهار سرمدًا، فمن يأتينا بليلٍ نَسكن فيه؟

فـ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: ٥].

فالشمس والقمر نِعمتان مِن نعم اللَّه، إلى جانب كونهما آيتين من آياته، وهذه الآيات وغيرها يُرسلها اللَّه إنعامًا أو تخويفًا لعباده، فهي محل إنعامٍ وتكريمٍ من اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولكن قد يُخوِّف اللَّه عباده ببعض آياته إذا غفلوا عن ذكرِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وجَرفتهم الدنيا، وانصرفوا في الملذات وفي اللهو.

فقد يحصل زلزال، وربما تكون ظُلمة، وربما تكون رياح شديدة صواعق، وربما حصل كسوفٌ أو خسوف، وبالنسبة لخسوف الشمس أو


= عبارة عن ظلمة أحد النَّيرين؛ الشمس والقمر، أو بعضها".
مذهب الشافعية، يُنْظَر: "الإقناع في حَلِّ ألفاظ أبي شجاع" للشربيني (١/ ١٨٩)، حيث قال: "قَالَ عُلَمَاء الهَيْئَة: إِنَّ كسوف الشَّمْس لَا حَقِيقَة لَهُ؛ لِعَدم تَغَيّرها فِي نَفسهَا؛ لاستفادة ضوئها من جرمها، وإِنَّمَا القَمَر يَحول بظلمته بَيْننَا وَبَينهَا مَعَ بَقَاء نورها، فَيرى لون القَمَر كمدًا فِي وَجه الشَّمْس، فيظن ذهَاب ضوئها".
مذهب الحنابلة، يُنْظَر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٦٠)، حيث قال: " (الكسوف: هو ذهاب ضوء أحد النَّيَرين)؛ الشمس والقمر، (أو بعضه) ".
(١) السرمد: دوام الزمان من ليل أو نهار. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>