للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القمر، يُطلق على كل واحدٍ منهما: الكسوف، فيقال: كسفت الشمس وكسف القمر، ويُقال أيضًا: خسفت الشمس وخسف القمر، وكل ذلك قد ورد في اللغة، وفي السُّنَّة.

وجاء أيضًا ذكرهما معًا في أحاديث كثيرة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنه جاء ذِكر الكسوف والخسوف في عِدَّة أحاديث، كما في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ"، رواه البخاري ومسلم (١).

وفي حديثٍ آخر: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَا يَخْسِفَان لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ"، رواه البخاري ومسلم (٢).

لكننا نجد أنَّ القرآن أطلق الخسوف على القمر؛ لأنه هو الذي ورد في الآيات التي يقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيها: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)} [القيامة: ١ - ٨].

إذًا نصَّ اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على خسوف القمر، والقمر والشمس قد يخسفان، وهما -أيضًا- مما يُخوَّف اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بهما عباده، كما أنه قد يُخوفهم بآياتٍ أُخري؛ ليعودوا إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- تائبين مُنيبين مستغفرين، فإذا ما عادوا إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإن اللَّه تعالى يُزيل ما أصابهم من ألم، وما يصيبهم -أيضًا- مِن همٍّ وما ينزل بهم من هلعٍ أو خوف، واللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يرفع عنهم ذلك كله، وإنما القصد من ذلك: هو أن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يُذَكِّر عباده بنعمه.

فإن عادوا إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- سينصرهم ويُوفقهم؛ قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: ٤٠]،


(١) أخرجه البخاري (١٠٤١)، ومسلم (٩١١).
(٢) أخرجه البخاري (١٠٤٢)، ومسلم (٩١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>