وقال عز وجل:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: ٧].
إذًا، الشمس والقمر قد ينكسفان ويخسفان، وهذا قد حصل في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتأكد ذلك أكثر بالنسبة للشمس، والمؤلف هنا قد وَهِم -عفا اللَّه عنه- لأنه قال:"لم تَرِد أحاديث بالنسبة للقمر"، والصَّحيح: أنه وردت -أيضًا- أحاديث تدل على أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّى لكسوف أو خسوف القمر.
فقد يُطلق الكسوف أو الخسوف على الشمس وعلى القمر، على حَدٍّ سواء، ويطلق الخسوف على الإيمان أيضًا، فإذا ما حصل ذلك فإن الناس يفزعون إلى الصلاة.
ولذلك نجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما خسفت الشمس على زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فتكلم البعض، لأنه مات ابنُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إبراهيم، قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطيبًا في الناس فقال:"إنَّ الشَّمسَ والقمَرَ آيتانِ مِن آياتِ اللَّه، لا يخسفانِ لِمَوتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك فادْعُوا اللَّهَ، وكبِّروا، وصَلُّوا، وتصَدَّقوا"، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أمَّةَ مُحمَّدٍ، واللَّهِ ما من أحدٍ أغيَرُ من اللَّهِ أن يَزنِيَ عَبدُه، أو تَزنيَ أمَتُه"، ثم قال -أيضًا- رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمَّةَ مُحمَّدٍ، لو تَعلمونَ ما أعلَمُ لَضَحِكتُم قليلًا ولبكَيتُم كثيرًا"(١).
حيث إن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد أطلع نبيه على أشياء من أمور الغيب، ولذلك يعلم الرسول اللَّه مما عَلَّمه اللَّه، لا أنه يعلم الغيب فهو يقول:{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ}[الأعراف: ١٨٨].
فرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يعلم إلا ما علّمه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مثلما ورد في حديث الإسراء، والمشاهد التي وقف عليها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك: فرأى أولئك الناس الذين يُعَذَّبون، ورأى من الآيات الشيء الكثير.