للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوامر الله سبحانه وتعالى، أو أمرًا من أوامر الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤].

والذين قالوا بأن الغَسل أفضل قالوا: لأنَّ هذا هو الفرض الذي أمر الله سبحانه وتعالى به في الآية، فينبغي أن نقدِّم ذلك.

والقضية كلها -بفضل الله- جائزةٌ، يعني: هذه رخصةٌ، وهذه عزيمةٌ، فإن أخذت بالعزيمة فَنِعِمَّا هِي، وإن أخذتْ بالرخصة فذلك أيضًا خير كثيرٌ، وهذه شريعة الله سبحانه وتعالى، وقد بُنيت على التيسير والتَّخفيف.

قوله: "فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ الَةَ الوُضُوءِ نَاسِخَةٌ لِتِلْكَ الآثَارِ (١)، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ (٢) "، هذا كان في أول الأمر.

* قوله: (أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُمْ حَدِيثُ جَرِيرٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يَمْسَحُ عَلَى الخُفَّيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ المَائِدَةِ، فَقَالَ: (مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ المَائِدَةِ).

وقد ذكرنا حديث جريرٍ؛ لأنّ أصله ورد في "الصحيحين" (٣) "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على الخفين"، لكنَّ محل الشاهد الذي يستشهد به العلماء هو ما جاء في رواية أبي داود وغيره (٤)، وهي رواية صحيحة، وهي التي ذكرها المؤلف وهي قوله: "إنما كان قبل نزول المائدة فقال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة".


(١) قال القرطبي في "التفسير" (٦/ ٩٣): فإن قيل: إن المسح على الخفين منسوخ بسورة (المائدة) - وقد قاله ابن عباس، ورد المسح أبو هريرة وعائشة، وأنكره مالك في رواية عنه، فالجواب أن من نفى شيئًا وأثبته غيره فلا حجة للنافي، وقد أثبت المسح على الخفين عدد كثير من الصحابة وغيرهم.
(٢) تقدم قوله في هذه المسألة.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>