للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما قوي بإجماع، والآخر ضعيف (١)، فالقوي هو قياس العلة؛ لأنك عندما تُلحق مسألةً بمسألةٍ في حكم لا بد من وجود هذه العلة؛ أي: أن تتحقق هذه العلة القائمة في الأصل، فتراها متحققةً في الفرع.

ونحن نجد أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر في حديث الأمور التي يحرم فيها الربا، ذكر أمورًا ستة، ونصَّ من بينها على البُرِّ بالبُر (٢)، ولم يذكر الأرز في ذلك الوقت، والأرز نجد أن العلة الموجودة في القمح موجودة فيه؛ سواءٌ قلنا: إنها الوزن، أو الكيل، أو الاقتيات، والطعم، فالعلة الموجودة في القمح موجودة في الأرز، وقياس العلة: هو إلحاق فرعٍ بأصلٍ في حكمٍ؛ لعلةٍ تجمع بينهما، فالقصد من قياس العلة: هو أن تُلحق حكمًا من الأحكام بحكمٍ آخر؛ لوجود علةٍ تجمع وتربط بينهما، ولا يتحقق ذلك في قياس الشبه.

وهذا القياس الذي يذكره المؤلف: هو أن الفريق الثاني استدلوا من حيث القياس على أن صلاة كسوف النهار يُجهر بها، فاستدلوا بقياس


(١) قال الزركشي في "البحر المحيط" (٧/ ٢٩٨ - ٣٠٠): "وقد اختلفوا فيه -قياس الشبه- على مذاهب:
أحدها: أنه حُجة، وحكاه القرطبي عن أصحابنا وأصحابهم. وقال شارح العنوان: إنَّه قول أكثر الفقهاء. وقال في "القواطع": إنه ظاهر مذهب الشافعي.
المذهب الثاني: أنه ليس بحجة. . . وبه قال أكثر الحنفية. . .، وصار إليه أبو زيد ومَن تبعه، وذهب إليه -أيضًا- أبو بكر والأستاذ أبو منصور البغدادي. . .، وإليه ذهب أبو إسحاق المروزي والشِّيرازي والقاضي أبو الطيب. . . وأبو بكر الصيرفي والقاضي ابن الباقلاني، لكن هو عند القاضي أبي الطيب والشيخ أبي إسحاق صالحٌ لِأَن يُرَجَّح به.
المذهب الثالث: إن تَمَسَّك به الناظر؛ أي: المجتهد، كان حجة في حقه إن حصل غلبة الظن، وإلا فلا، أمَّا المناظر فيقبل منه مطلقًا، واختاره في "المستصفى".
(٢) أخرجه مسلم (١٥٨٧) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الذَّهَبُ بِالذَّهَب، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالمِلْحُ بِالمِلْحِ؛ مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>