للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت وقت نهي، فيُصليها بعد طلوع الشمس. وقد رأينا أنه يجوز هذا وذاك، ولكن الأولى أن تُصَلَّى بعد طلوع الشمس خروجًا من الخلاف وابتعادًا عنه.

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ تِلْكَ الأَوْقَاتِ تَخْتَصُّ بِجَمِيعِ أَجْنَاسِ الصَّلَاةِ، لَمْ يَجُزْ فِيهَا صَلَاةُ كُسُوفٍ، وَلَا غَيْرُهَا).

يعني: مَن رأى أن تلك الأوقات تختص بجميع الصلوات، قال: إنَّ صلاة الكسوف من جنس الصلوات؛ فلا تُصَلَّى وإن كان وقتها محددًا، وربما لو أُجِّلَت تَتجَلَّى.

ولسائل أن يسأل إذا كان هذا هو رأي الأئمة الثلاثة، وهو عدم جواز أداء صلاة الكسوف في الأوقات الخمسة المنهي عنها شرعًا، فما الحل إذا كسفت الشمس في هذه الأوقات؟

قالوا: يدعون اللَّه مُتصْرعين إليه -سبحانه وتعالى- مُظْهِرين ضَعفهم وحاجتهم إليه؛ لأن الدعاء لا يختص بوقت دودن آخر: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠]، {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥].

* قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ تِلْكَ الأَحَادِيثَ تَخْتَصُّ بِالنَّوَافِلِ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَهُ فِي الكُسُوفِ سُنَّةً، أَجَازَ ذَلِكَ) (١).

وهذا المذهب هو أرجح الأقوال؛ لقوة أدلته، وأشرنا إلى بعضها بالنسبة لقضاء ركعتي الفجر، وكون الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أتاه وفدٌ مِن بني عبد القيس؛ ليسلموا، فانشغل -عليه الصلاة والسلام- عن الركعتين بعد الظهر، فقضاهما بعد العصر.

والكلام في هذا طويل، وقد جاء في "صحيح البخاري" في قصة عبد اللَّه بن عباس، والمِسْوَر بن مَخرمة، وعبد الرحمن بن أزهر عندما


(١) وهم جمهور العلماء القائلين بأنَّها سُنَّة، خلافًا للحنفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>