للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، بَقِيَ المَفْهُومُ فِي كُسُوفِ القَمَرِ عَلَى أَصْلِهِ، وَالشَّافِعِيُّ يَحْمِلُ فِعْلَهُ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ بَيَانًا لِمُجْمَلِ مَا أَمَرَ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِمَا، فَوَجَبَ الوُقُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ. وَزَعَمَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْد البَرِّ: أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُثْمَانَ: "أَنَّهُمَا صَلَّيَا فِي القَمَرِ فِي جَمَاعَةٍ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ (١) "، مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ).

وهذا هو الذي ذكرناه فيما مضى عن الجمهور.

* قوله: (وَقَدِ اسْتَحَبَّ قَوْمٌ الصَّلَاةَ لِلزَّلْزَلَةِ وَالرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ).

ما يتعلَّق بالزَّلزلة والظُّلمة والرَّجفة والريح الشديدة، وكذلك الصَّواعق والأمطار إذا اشتدت، هل يُصلَّى لها أو لا؟

أكثر العلماء أنَّه لا يُصَلَّى لها، وإنما يُقتصر على مورد النص، فالذي وردت الصلاة فيه إنما هو ما يتعلَّق بخسوف الشمس والقمر، ونقل عن الإمام أحمد (٢): "أنه يرى أنه يُصلى للزَّلزلة".

وكذلك في المذهب الحنفي أيضًا (٣).


(١) يُنْظَر: "التمهيد" لابن عبد البر (٣/ ٣١٦)، حيث قال أبو عمر: "روي عن ابن عباس وعثمان بن عفان أنَّهما صَلَّيا في القمر جماعة ركعتين، في كل ركعة ركوعان، مثل قول الشافعي على حديث ابن عباس المذكور في هذا الباب".
(٢) يُنْظَر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٦٥)، حيث قال: " (ولا يُصلى لشيء من سائر الآيات؛ كالصواعق، والريح الشديدة، والظلمة بالنهار، والضياء بالليل)؛ لعدم نقل ذلك عنه وأصحابه، مع أنه وُجد في زمانهم انشقاق القمر، وهبوب الرياح، والصواعق، وعنه يُصَلَّى لكل آية، وذكر الشيخ تقي الدين أنه قولُ مُحَقِّقي أصحاب أحمد وغيرِهم، (إِلا الزلزلة الدَّائمة، فيُصَلَّى لها كصلاة الكسوف) نصًّا؛ لفعل ابن عباس".
(٣) يُنْظَر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٢٨٢)، حيث قال: "وكذا تُستحب الصلاة في كل فزع: كالريح الشَّديدة، والزلزلة، والظلمة، والمطر الدائم؛ لكونها من الأفزاع والأهوال، وقد روي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنَّه صلى لزلزلة بالبصرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>