للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّمْسِ، لِنَصِّهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عَلَى العِلَّةِ فِي ذَلِكَ).

وحُجَّة القائلين باستحباب الصلاة للزَّلازل والرِّياح والظلمة وما في حكمها، كما ذكر المؤلف هنا هو القياس، لأنَّه إلحاقُ فَرع بأصل؛ لِعِلَّة تَجمع بينهما، والعلة هنا متحدة، فينبغي أن يكون الحكم كذلك، يَدعم ذلك أو يُؤيده ما نُقِل عن عبد اللَّه بن عباس أو ما نُسِبَ إليه.

* قوله: (وَهُوَ كَوْنُهَا آيةً، وَهُوَ مِنْ أَقْوَى أَجْنَاسِ القِيَاسِ عِنْدَهُمْ؛ لِأنَّهُ قِيَاسُ العِلَّةِ الَّتِي نُصَّ عَلَيْهَا).

وقياس العلة -كما أسلفنا- أَمْرٌ مُسَلَّم، ومخالفة أهل الظاهر لا يُعتد بها (١)؛ لأن الأدلة تَدفع قولهم وتُضعفه، وللجمهور أدلتهم التي استدلوا بها على القياس.

والصحابة -رضوان اللَّه عليهم- قد قاسوا فاعتبر القياس مشهورًا، وقد اشتهر عمر -رضي اللَّه عنه- بالقياس، وهناك مدرسة تُعرف بمدرسة الرأي، وأُخرى بمدرسة أهل الحديث، ومدرسة أهل الرأي تعتمد في كثير من المسائل على المقايسة.

والأدلة على جواز القياس كثيرة، ومنها على سبيل المثال:

عن ابْن عباسٍ -رضي اللَّه عنهما-: أنَّ امْرَأةً مِنْ جُهَيْنة جَاءَتْ إلى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: إنَّ أمي نَذَرتْ أنْ تَحج فلم تَحُجَّ حتى ماتَتْ، أفأحج عنها؟ قال: "نَعَمْ، حُجِّي عَنْها، أرأيت لو كان على أمك دَيْنٌ؛ أَكُنْتِ قاضيةً؟ اقْضُوا اللَّهَ؛ فاللَّه أحقُّ بالوفاء" (٢).


(١) ذهب أهلُ الظاهر إلى إبطال القياس، وعدم القول به، وأطال ابنُ حزم في "الإحكام" (٧/ ٥٣) وما بعدها في هذه المسألة، وتعليل ما ذهب إليه القائلون بالقياس، والحقيقة: أنه قاس في بعض المسائل؛ فدعوى إبطال القياس بالكلية مردودة.
(٢) أخرجه البخاري (١٨٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>