إذًا من سنن هذه الصلاة: أن يتجه الإمام إلى القبلة، ونَصَّ بعض العلماء على أنه يَجمع في دعائه بين الإسرار والإعلان، يعني: يُسر أحيانًا بدعائه، وأحيانًا يجهر به، ويقولون: الحكمة من الجهر به أن يسمع الناس ذلك فيؤمنوا، والحكمة من الإسرار في ذلك هو أن الإسرار أقرب إلى الإخلاص.
لا شك أن الإنسان إذا أَسَرَّ في أمر من الأمور فذلك بينه وبين اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، ولذلك يكون عمله أقرب للإخلاص، لكن ليس معنى ذلك أن الإنسان إذا جهر في دعائه أو قراءته انتفى عنه الإخلاص، لا، وإنما نقول: الإسرار أقرب وأبلغ في الإخلاص، وإلا الإخلاص موجود في الحالتين؛ لأن الإخلاص نور يقذفه اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في قلب المؤمن، الإخلاص أمر ينفذ إلى قلبك، فإن وفقك اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ورزقك نية صادقة وقلبًا مخلصًا، فذلك هو التوفيق كل التوفيق، وهذا ما أشار اللَّه إليه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في قوله:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}[الزمر: ٢]، {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ١٤، ١٥]{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥].
ولا شك أن من وهبه اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الإخلاص - استنار به قلبه، فسلك به طريقًا سويًّا لا عوج فيه ولا انحراف، يسلك به طريق الهداية، ويبتعد به عن طريق الغواية، وإن السعادة كل السعادة لمن يهبه اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إخلاصًا في أقواله وأعماله؛ فذلك هو غاية التوفيق والتسديد.