للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمسألة أو صلاة الاستسقاء، وهناك شَبه بين المسألتين؛ لأن الناس بحاجة في كل منهما إلى أن يلجأوا إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وليس ذلك خاصًّا بهما، بل اللجوء إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مطلوب في كل وقت وفي كل حال، لكن الحاجة تكون أشد وأكثر إلحاحًا في مثل هذا الموقف، فالناس نزلت بهم نازلة، أصابهم جدب، وهذا الجدب الذي أصابهم إنما هو بسبب تقصيرهم في جنب اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، بسبب ارتكاب المعاصي والذنوب، لا مخرج ولا ملجأ من اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- من ذلك إِلَّا إليه، فالإنسان إذا عمل أعمالًا حسنة صالحة في وقت رخائه، في وقت سعته، فإنه عندما تشتد به الأزمات، وعندما تدلهم به الخطوب، ينفعه ذلك عندما يتجه إلى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بقلب سليم، هذا لا شك فيه، وخير دليل على ذلك ما ضربه لنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من مِثل، ومعلوم أن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يُكثر من ضرب الأمثلة في كتابه العزيز، ومن قص القصص أيضًا، كما قال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وبيَّن الحكمة: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: ٢١]، {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣].

إذًا، اللَّه -تعالى- لم يذكر شيئًا في كتابه عبثًا، فما يذكره من قصص كقصة أهل الكهف وقصة موسى والخضر وغير ذلك من القصص الكثيرة جدًّا، إنما هي دروس ومواعظ لنعتبر.

ونجد أن سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أيضًا- مليئة بضرب الأمثال والحكم، ومن فوائد ذلك أن فيها عِبَرًا، وهي -أيضًا- تُقَرِّب كثيرًا من الأمور للأذهان؛ يقول اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بعد أن ذكر قصة يوسف وإخوته: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [يوسف: ١١١].

إذًا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حكى لنا قصة ثلاثة نفر (١)، ثلاثة رجال، والروايات متعددة والأقوال فيها كثيرة، فنحن نحكيها بالمعنى: ثلاثة نفر


(١) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>