فسُجُود التلاوة حكم مشروع، شرعه اللَّه سبحانه وتعالى في كتابه، وكذلك أيضًا شَرَعه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لأنه هو المبيِّن لكتاب اللَّه عز وجل، كما قال سبحانه:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، وقال أيضًا:{لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ}[النحل: ٦٤].
ورَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المبيِّن لمَا جاء مُجْملًا في كتاب اللَّه عز وجل، وما احتاج إلى بَيَانٍ بَيَّنه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يمت إلا وقَدْ أكمَلَ اللَّهُ به الدينَ، وأتم به النعمةَ، ورَضِيَ سبحانه لنَا الإسلام دينًا.
وسجودُ التلاوة هو سجودٌ له علاقة بكتاب اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، هذا القرآن العظيم الذي: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)}، وَهُوَ قُطْب هذه الشريعة التي تَدُورُ عليه، هذا الكتاب العزيز الذي أنزله اللَّه سبحانه وتعالى على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- منجَّمًا؛ ليُخْرج اللَّه به سبحانه وتعالى الناس من الظُّلُمات إلى النور.
* قوله:(وَفِي عَدَدِ السَّجَدَاتِ الَّتِي هي عَزَائِمُ):
عدد السجدات: ورد فيها خمس عشرة، ومن العلماء مَنْ قَصَر على أربع عشرة، ومنهم من قال: إحدى عشرة.
فالأقوال ثلاثة: إما خمس عشرة سجدة، أو أربع عشرة، أو إحدى عشرة. . وخمس عشرة وَرَدتْ في حديثٍ، وبعضهم يحذف منها واحدةً، وبعضهم يحذف أيضًا واحدةً، ويختلفون في الحج، وبعضهم يحذف سجدة سورة (ص)، وبعضهم يَحْذف الثانية من سورة الحج، هذا كله سيأتي -إن شاء اللَّه- مفصَّلًا في هذا الكتاب وسنُبيِّنه.