للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما من يرى المسح على الأعلى والأسفل، كما نُقل عن الإمام مالك ورواه في الموطأ من طريق الزهري وأخذ به (١)، ونُقل عن عروة: أنه اقتصر على مسح أعلى الخف (٢)، وهو ممن تأثر بهم الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ أنه مسح أعلى الخف وأسفله، فجعل إحدى يديه أعلى الخف، والأُخرى أسفله فمسحهما يعني: فمسح أعلى الخف وأسفله، ومالك يرى هذا ويرجِّحه وهو المذهب في هذه المسألة (٣).

وهنا يكون سبب الخلاف أمرين:

أولهما: الأحاديث والآثار التي وردت في ذلك.

وثانيهما: قياس المسح على الغَسل.

يعني: هل يقاس مسح الخفين على الغَسل أم لا؟

ولا ننسى أنَّ المسح على الخفين رخصةٌ، وأنه بدل، وأنَّ الأصل في ذلك هو غَسل القدمين، فهل يأخذ البدلُ صفة المُبْدل عنه، أو أنَّ ذلك يختلف؟

سيأتي الجواب على ذلك إن شاء الله.


(١) أخرجه في "الموطأ" (٣٨١١) عن مالك، أنه سأل ابن شهاب عن المسح على الخفين كيف هو؟ فأدخل ابن شهاب "إحدى يديه تحت الخف، والأُخرى فوقه ثم أمرهما"، قال يحيى: قال مالك: "وقول ابن شهاب أحب ما سمعت إلي في ذلك".
(٢) أخرجه في "الموطأ" (١/ ٣٨) عن هشام بن عروة، أنه رأى أباه "يمسح على الخفين". قال: وكان لا يزيد إذا مسح على الخفين، على أن يمسح ظهورهما، ولا يمسح بطونهما.
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (١/ ١٤٦) حيث قال: "وندب وضع يمناه، أي: يده اليمنى على أطراف أصابعه من ظاهر قدمه اليمنى، ووضع يسراه تحتها أي تحت أصابعه من باطن خفه ويمرهما يضم حرف المضارعة؛ لأنه من أمر لكعبيه ويعطف اليسرى على العقب حتى يجاوز الكعب وهو منتهى حد الوضوء".

<<  <  ج: ص:  >  >>