للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَشْبِيهُ المَسْحِ بِالغَسْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي ذَلِكَ أَثَرَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ).

في الحقيقة أنّ المؤلف اقتصر فقط على المحل الذي يُمسح، هل هو أعلى الخف فنقتصر عليه أم أسفله؟ لكنّه لم يُبَينَ لنا كيفية المسح؟ من أين نبدأ وإلى أي حد ننتهي؟ وما هو الشيء الذي نمسح به؟ وهل ذلك متعينٌ باليد بمعنى الأصابع أو يجوز بالكف؟ وهل لو مَسحَ بخِرقَةٍ أو خَشَبةٍ أو مِنشَفةٍ أو غير ذلك هل يجوز أم لا؟

وهذه كلُّها مسائلُ كثيرةٌ جدًّا سنتعرض لها، لأنها ذاتُ أهميةٍ وصلةٍ بالناس، والذي ورد في الحديث أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- إنما مسح على ظاهر الخف (١)، فوضع يده اليمنى على خفه الأيمن، واليسرى على خفه الأيسر، ثم بعد ذلك أقبل بهما إلى الساقين أي: إلى آخر محل الفرض، فبدأ من أطراف الأصابع حتى وصل إلى النهاية (٢)، والحديث فيه كلائم للعلماء، فبعضهم قال: هذا هو الأولى وهو السنَّة.

ولو عكس وبدأ من قِبل الساقِ، أي: من أسفل الساق ووصل إلى الأصابع لجاز ذلك، هذا عند من يقول بالاقتصار على الأعلى (٣).


(١) أخرجه أبو داود (١٦٢) وغيره عن علي قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على ظاهر خفيه". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٠٣).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٧٠)، والبيهقي في "الكبرى" (١/ ٤٣٦) عن المغيرة بن شعبة، قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بال، ثم جاء حتى توضأ ومسح على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة، حتى كأني أنظر إلى أصابع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الخفين".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ١٧) حيث قال: "والمسح على الخفين على ظاهرهما خطوطا بالأصابع يبدأ من رؤوس أصابع الرجل إلى الساق، وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١١٨) حيث قال: "فيضع يديه مفرجتي الأصابع على أطراف أصابع رجليه ثم يمرهما على مشطي قدميه إلى ساقيه هذا صفة المسح المسنون … فإن بدأ في المسح من ساقه إلى أصابعه أجزأه".

<<  <  ج: ص:  >  >>