للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيد بن ثابت المتفق عليه إنما هي سورة: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١)} [النجم: ١]، هذه التي قرأها على الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* قوله: (وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَحْتَجُّ هَؤُلَاءِ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ فِي المُفَصَّلِ"، وَبِمَا رُوِيَ: "أَنَّهُ سَجَدَ فِيهَا" (١)).

"أنه لم يسجد في المفصَّل"، وهذا جاء في حديث عبد اللَّه بن عباس، وهو حديث ضعيف تكلَّم عنه العلماء (٢)، وعندما رَوَاه كان صغيرًا، وَتكلَّم العلماء عن ذلك، وأبو هريرة أسلمَ في السَّنة السابعة من الهجرة، فإسلامه كان متأخرًا، فهو قد روى لنا سجود رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعَ أن حديث ابن عباس يتعارض مع هَذَا؛ لأنه قال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَسْجُدْ في شَيْءٍ من المُفَصَّلِ مُنْذُ تَحوَّل إلى المَدِينَةِ" (٣)، مع أنَّ أبا هريرة إنَّما أسلمَ في السَّنة السابعة، يعني: بعد تحوُّل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسبع سنوات.

فلا شكَّ أن أحاديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مقدمةٌ في ذلك؛ لصحَّتها، ولتَأخُّر إسلامه، ولكون ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- كان صغيرًا عندما روى ذلك، ويُحْتمل أيضًا أنَّ قولَ ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- إنما هو صحيح، لكنه لم يحضره ذلك، أو لم يبلغه.

وفي حديث أبي هريرة الذي رَوَاه أبو رافع أنه صلَّى خلف أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، فَقَرأ سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)} [الانشقاق: ١]، فسجد، فسأله، فقال: "سجَدتُ بها خلفَ أَبي القاسمِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا أَزالُ أسجدُ بها حتى أَلقاه"، وهذا في "الصحيحين" (٤).


(١) أخرج أبو داود (١٤٠٧)، عن أبي هريرة قال: "سَجَدنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)} "، قال أبو داود: "أسلم أبو هريرة سنة ستٍّ عام خيبر، وهذا السجود من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آخر فعله".
(٢) أخرجه أبو داود (١٤٠٣): عن ابن عباس، "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة"، وضعفه الألباني.
(٣) سيأتي.
(٤) أخرجه البخاري (٧٦٦)، ومسلم (٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>