للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (قَالُوا: وَهَذَا بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافٌ، وَهُمْ أَفْهَمُ بِمَغْزَى الشَّرْعِ (١)، وَهَذَا إِنَّمَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَرَى قَوْلَ الصَّحَابِيِّ -إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُخَالِفٌ- حُجَّةً (٢)).

ولذلك، ترى أن الأئمة الأعلام -رحمهم اللَّه تعالى- ومنهم الأئمة الأربعة كانوا يقولون بكتاب اللَّه عز وجل، فإن لم يجدوا الحكمَ في كتاب اللَّه، عادوا إلى سُنَّةِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنها هي التي تأتي في المرتبة الثانية، وهي التي تبيِّن كتاب اللَّه عز وجل، والرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ أُوتِيَ القرآن ومثله معه؛ فإذا لم يَجِدُوا في ذلك، عادوا إلى أقوال الصحابة، فإن اتفق الصَّحابة على قولٍ، أَخَذوا به، وإذا اختلفوا، تخيروا من أدلتهم وَفْق الدليل.

فهذه من الأمور التي يُعتَّد بها، وهي مسائلُ معروفةٌ في أصول الفقه.

* قوله: (وَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ: "كُنْتُ أَقْرَأُ القُرْآنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَرَأْتُ سُورَةَ الحَجِّ (٣) فَلَمْ يَسْجُدْ، وَلَمْ نَسْجُدْ") (٤).

وهذا الحديث متفق عليه، والمعروف أن الذي ورد في حديث


(١) يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة" (ص ٢٨٦)؛ حيث قال: "وذلك بحَضْرة الصحابة من المهاجرين والأنصار، فلم ينكر عليه أحدٌ، ولأن السجودَ ركنٌ في الصلاة، فلم يجب منفردًا، أصله القعود للتشهد الآخر".
(٢) يُنظر: "الواضح في أصول الفقه" لابن عقيل (١/ ٤٣)؛ حيث قال: "وأما قول الصحابي الواحد إذا لم ينتشر بين الباقينٍ، فهل هو حجة؟ على خلافٍ، فبعضهم ذكر أنه حُجَّة بنفسه، وبعضهم جعله حجة مع قياسٍ ضعيفٍ، وبعضهم قال: ليس بحجة، وإنه كقول واحد من سائر المجتهدين"، وانظر: (٥/ ٢١٠) من نفس الكتاب.
(٣) هكذا بالأصل، والذي في "الهداية في تخريج أحاديث البداية" للغماري (٤/ ٢٦٨): "النجم".
(٤) أخرجه البخاري (١٠٧٣)، ومسلم (٥٧٧)، ولفظ البخاري: عن زيد بن ثابت، قال: "قرأت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- {وَالنَّجْمِ}، فلم يسجد فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>