للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَرَأَ السَّجْدَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَنَزَلَ وَسَجَدَ، وَسَجَدَ النَّاسُ معه).

هذا الذي ذكره المؤلف كان في سورة النحل، فقَدْ قرأها عمر -رضي اللَّه عنه- فسَجَد، وفي اليوم التالي قال: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ"، إذًا ليست فرضًا، فإن شئنا سجدنا، وإلا فلا، وهذا دليل على أنها سُنَّة؛ لأنها لو كانت فرضًا لم يكن للإنسان مشيئةٌ في ذلك.

* قوله: (فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَرَأَهَا، تَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ (١) (٢)).

وهَذَا ما ورد في سورة (ص) أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ الآية: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤]، فتَشزَّن الناس؛ أي: تهيأ الناسِ للسجود، فنزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما رأى حالة الناس، ثم بيَّن أنها توبةُ نبِيٍّ.

وجاء في حَدِيثٍ آخَرَ أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً، وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا" (٣).

ولذَلكَ يَرَى الشافعية والحنابلة في روايتهم الأخرى المشهورة أنَّ سجود سورة (ص) إنَّما هو سُجُودُ شكرٍ لا أنها من عَزَائم السجود (٤).


(١) أخرجه مالك في "الموطإ" (١/ ٢٠٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٠٧٧)، بنحوه.
(٣) أخرجه النسائي في "الكبرى" (١٠٣١).
(٤) مذهب الشافعية، يُنظر: "المجموع" للنووي (٤/ ٦١)؛ حيث قال: "قال أصحابنا: سجدة (ص) ليست من عزائم السجود، معناه: ليست سجدة تلاوة، ولكنها سجدة شكر، هذا هو المنصوص".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" (١/ ٤٤٧)؛ حيث قال: "وسجدة (ص) ليست من عزائم السجود، بل سجدة شكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>