للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاضي هو ابن رشد الذي ندرس كتابه، خرَّجه أبو داود وغيره أيضًا.

* قوله: (وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا صَارَ إِلَى إِسْقَاطِ سَجْدَةِ (ص) (١)؛ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: "أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَرَأَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ آيَةَ السُّجُودِ مِنْ سُورَةِ (ص)، فَنَزَلَ وَسَجَدَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ، قَرَأَهَا، فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ، وَلَكِنْ رَأَيْتُكُمْ تُشِيرُونَ لِلسُّجُودِ، فَنَزَلْتُ فَسَجَدْتُ" (٢)).

وهَكَذا ترون أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إمام هذه الأمة، والذي وصفه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بقَوْله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨]، وأرسله اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رحمةً للعالمين، وأرسله للناس كافةً بشيرًا ونذيرًا لمَّا رأى أن أصحابَه يَتهيَّؤون للسجود، نَزَل فَسَجد عليه الصلاة والسلام.

* قوله: (وَفِي هَذَا ضَرْبٌ مِنَ الحُجَّةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ بِوُجُوبِ السُّجُودِ، لِأَنَّهُ عَلَّلَ تَرْكَ السُّجُودِ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ).

حَقيقةً كلُّ هذه التعليلات التي يذكرها المؤلف ذهابًا وإيابًا لا أرى قوَّتها؛ لأنَّ الذين قالوا بأربع عشر سجدة أدلتهم صحيحة وصريحة لا تحتمل تأويلًا ولا تبديلًا، ولا يمكن أن نعارضها بقياسٍ أو بقول أحدٍ؛ فهي صريحة الدلالة على المُدَّعى.

* قوله: (بِعِلَّةٍ انْتَفَتْ فِي غَيْرِهَا مِنَ السَّجَدَاتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ


(١) يُنظر: "الحاوي" للماوردي (٢/ ٢٠٣، ٢٠٤)؛ حيث قوله: "قوله الشافعي -رضي اللَّه عنه-: وسجود القرآن أربع عشرة سجدة سوى سجدة (ص) فإنها سجدة شكر".
(٢) أخرجه أبو داود (١٤١٠)، وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>