للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكْمُ الَّتِي انْتَفَتْ عَنْهَا العِلَّةُ بِخِلَافِ الَّتِي ثَبَتَتْ لَهَا العِلَّةُ، وَهِيَ نَوْعٌ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ؛ لِأنَّهُ مِنْ بَابِ تَجْوِيزِ دَلِيلِ الخِطَابِ).

ويُقْصَد بدليل الخطاب الذي يُعْرف أصولًا، واشتهر بمَفْهوم المخالفة، والحنفية لا يحتجُّون بمفهوم المخالفة، وفيه تفصيل عند بقية العلماء.

* قوله: (وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي المُفَصَّلِ بِحَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ): "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ المُفَصَّلِ مُنْذُ هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ") (١).

فمُنْذُ أنْ تَحوَّل إلى المدينة لم يسجد، وابن عباس -رضي اللَّه عنهما- كَانَ حِينَئذٍ صغيرًا، وحديث أبي هريرة كان متأخرًا، وهو نصٌّ في هذه المسألة، ومثلهما حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-.

* قوله: (قَالَ أَبُو عُمَرَ (٢): وَهُوَ مُنْكَرٌ؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَى سُجُودَهُ فِي المُفَصَّلِ لَمْ يَصْحَبْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- إِلَّا بِالمَدِينَةِ).

يقصد به ابن عبد البَر الإمام المشهور، وَصاحب كتاب "التمهيد"، و"الاستذكار"، وغَيْرها من كتب الرجال.

فابن عبد البَرِّ -رحمه اللَّه- يَرَى أن الذي روى سجود رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (وهو أبو هريرة) لم يصحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا في المدينة، وقد ثبت في "الصحيحين" عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سَجَدَ في المفصَّل، وفي الانشقاق، وفي الحديث الآخر في "صحيح مسلم": سجد في الانشقاق، وفي (اقرأ)،


(١) أخرجه أبو داود (١٤٠٣)، وضعفه الألباني.
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٥٠٥)؛ حيث قوله: "وهذا حديث منكر؛ لأن أبا هريرة لم يصحبه إلا بالمدينة وقد رآه يسجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)} و {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣)} العلق، وحديث مطر لم يروه عنه إلا أبو قدامة وليس بشيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>