للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب أبي حنيفة فيه تفصيل، لكننا سلكنا مسلك عدم التفصيل ودخول التفريعات في المذاهب حتى لا تتعدد الأقوال.

* قوله: (وَمَنَعَ مَالِكٌ أَيْضًا ذَلِكَ فِي "المُوَطَّإ" (١)؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مِنَ النَّفْلِ، وَالنَّفْلُ مَمْنُوعٌ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ عِنْدَهُ. وَرَوَى ابْنُ القَاسِمِ عَنْهُ (٢) أَنَّهُ يَسْجُدُ فِيهَا بَعْدَ العَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ أَوْ تَتَغَيَّرْ، وَكذَلِكَ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٣)، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَأَنَّ السُّنَنَ تُصَلَّى فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ مَا لَمْ تَدْنُ الشَّمْسُ مِنَ الغُرُوبِ أَوِ الطُّلُوعِ).

لعل وجهة الإمام مالك رحمه اللَّه في قوله: ما لم تصفر الشمس؛ لما أخبر به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تلك صلاةُ المنافقين، تلك صلاةُ المنافقين، حتى إذا كانت الشمس بين قرني شيطان قام فنقر أربعًا لا يذكر اللَّهَ فيها إلا قليلًا" (٤): يعني: يؤخرون الصلاة، حتى إذا ما اصفرَّت الشمس وأوشك المغرب قام بعض الناس فصلَّى، وهذا من الكسالى، والكسل في القيام إلى الصلاة إنما هي من صفات المنافقين؛ لأنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى


(١) يُنظر: "الموطأ" (١/ ٢١٩)؛ حيث قوله: "باب النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر".
(٢) يُنظر: "المدونة" (١/ ٤١٨) لابن قاسم؛ حيث قوله: "فقلت له فإن قرأها بعد العصر أو بعد الصبح أيسجدها؟ قوله: إن قرأها بعد العصر والشمس بيضاء نقية لم يدخلها صفرة رأيت أن يسجدها، وإن دخلتها صفرة لم أر أن يسجدها وإن قرأها بعد الصبح ولم يسفر فأرى أن يسجدها فإن أسفر فلا أرى أن يسجدها. . . وقوله مالك: لا بأس أن يقرأ الرجل السجدة بعد الصبح ما لم يسفر وبعد العصر ما لم تتغير الشمس ويسجدها، فإذا أسفر أو تغيرت الشمس فأكره له أن يقرأها فإذا قرأها إذا أسفر وإذا اصفرت الشمس لم يسجدها".
(٣) يُنظر: "التهذيب في فقه الإمام الشافعي" (٢/ ١٨١)؛ حيث قوله: "ولو قرأ في الأوقات المنهية عن الصلاة سجد".
(٤) أخرجه أبو داود (٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>