للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورد فيه أيضًا: مات يَمِيتُ كمثل باع يَبِيعُ.

والموت: هو مفارقة الرُّوحِ الجَسدَ؛ أي: إذا ما خرجت الروح من جسد الإنسان فإنه ينتَهِي من هذه الحياة الدنيا وينتَقِلُ بعد ذلك إلى دارٍ أخْرَى (١).

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ -وَهِيَ حُقُوقُ الأمْوَاتِ عَلَى الأحْيَاءِ- يَنْقَسِمُ إِلَى سِتِّ جُمَلٍ).

والمؤلف لم يقدم للكِتابِ مقدَّمة كما يسلُك ذلك كثيرٌ من الفُقهاءِ، أو علماء الحَدِيثِ الذين يُعنَوْن بشُروح الكتب، وإنما دخل المؤلف في مسائل الكتاب، ولا شك أيضًا أنَّ من عادة بعض الفقهاء أن يقدِّم لمثل هذا الكتاب بما يتعلَّقُ بعيادَةِ المريض، وكذلك ما يتعَلَّقُ بالاستعداد للموت.

فنحن -إن شاء اللَّه- سنبدأ بهذا الكتاب ولعلنا جميعًا نستفيدُ منه، ليكون لنَا ذِكْرى متجددة، أن نتذكر الموت كما أرشَدَنا إلى ذلك رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "أكثروا من ذِكْر هَاذِمِ اللَّذَّاتِ" (٢)؛ فإن الموت لا يُذكَر في كثيرٍ إلا قَلَّلَهُ، ولا في قليل إلا كثَّرَه، وإذا ما تذكر الإنسان الموت وهو في أوقات فرَحِهِ وسعادتِهِ فإن الدنيا تسهُلُ في عينِهِ وتقل في نظرِهِ، ولا شَكَّ أن الإنسان إذا أكثر من ذِكْر الموت فإنَّ قلبه يرِقُّ، وإذا ما رقَ قلبه اشتد خَوفُهُ، وإذا ما اشتد خَوفُه بدأ يفكر في الآخرة ويستعد لها: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا. . .} [الإسراء: ١٩]، فإن سعيه حينئذٍ يكون مشكورًا، وهكذا كان السَّلَفُ -رضي اللَّه عنهم- يستعدون للموت ويتذكَّرُونه في كثير من أوقاتهم فهُمْ لا يغفُلون عنه، ودائمًا عندما يتذكر الإنسان الموت فإن الدنيا تقل في عينه.


(١) يُنظر: "الصحاح" للجوهري؛ حيث قال: "الموتُ: ضدُّ الحياة. وقد مات يموت ويمات أيضًا. . . وقومٌ مَوْتى وأمواتٌ، ومَيِّتون ومَيْتون. وأصل ميت: مَيْوت على فيعل، ثم أدغم. ثم يخفف فيقال ميت".
(٢) أخرجه ابن حبان في: "صحيحه" (٢٩٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>