للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقةً -وبخاصة "الأوسط"، وكذلك "الإشراف"- مَليئةٌ بأحَاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأسانيدها، وهي أيضًا كذلك مليئةٌ بآثار الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، وهي أيضًا من الكتب التي يُرْجَع إليها في فقه السُّنَّة، وفي الأثر أيضًا.

* قال: (وَسَبَبُ الخِلَافِ: هَلِ الغُسْلُ مِنْ بَابِ العِبَادَةِ، أَوْ مِنْ بَابِ النَّظَافَةِ؟ فَإِنْ كَانَتْ عِبَادَةً، لَمْ يَجُزْ غُسْلُ الكَافِرِ، وَإِنْ كَانَتْ نَظَافَةً جَازَ غُسْلُهُ).

لَا شَكَّ أنَّ أكثَرَ العلَماء يرون أنَّ الغسلَ لأجل النَّظافة؛ ولذلك يقولون: إنَّ الحكمَةَ في تَغْسِيلِ الميِّت ظاهرةٌ، وهي النظافة؛ لأن القَصدَ تنظيفُ بدنه من النجاسات؛ ولذلك يقول كثير من العلماء: يُوَضَّأ وضوءه للصلاة، وبعض العلماء يرى أنه يقتَصر التنظيف بخِرْقةٍ، وبعضهم بخِرْقتين، فيلف الإنسان على يديه خِرقة، ثم بعد ذلك يغسل مكان السبيلين. . هذا مَنْ يرى خِرْقَتينِ، ثم يأخذ الأُخرى بعد ذلك ويغسل بها سائرُ بدنِهِ. . هذا بعد أن يوضئه؛ لأنهم يقولون: أولًا يُغْسَل السبيلان ثم يُوضئوه؛ لأن الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- لما أوصى بغَسْلِ ابنته قال: "ابدأن بمَيامِنِهَا، وبمواضعِ الوضوءِ مِنْها" (١)، فاعتبر ذلك العلماء دليلًا على أن الميت يُوضَّأ كالحَيِّ.

ولَا شك أنَّ الواجب في تغسيل الميت غسلة واحدة، لكن وَرَد: "اغسلنها بماءٍ وسدرٍ"، "اغسِلْنَها ثلاثًا أو خمسًا"، وفي رِوايةٍ: "أو سبعًا" (٢)، والقصد من ذلك التنقيةُ، كما أن الواجب في الوضوء إنما هي غَسلة واحدة، والثانية والثالثة إنما هي مستحبة، والثانية أفضل من الواحدة، والثالثة أفضل من الاثنتين.

إذًا، هناك أمرٌ واجبٌ، وهناك أمرٌ غير واجبٍ، والعلماء يذكرون في تغْسِيلِ الميت بعضهم يرى أنه يُجلَس قليلًا، يعني: يُسنَد؛ لأن المَيِّتَ لا يستطيع أن يجلس، ثم بعد ذلك يُوضَّأ، ثم يُمَال إلى جهة قدميه حتى إذا


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) سيأتي تخريج الروايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>