للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصلي، ولذلك يقول الحنفية: لا ينبغي لقَرِيبِهِ المسلم أن يُغسِّله، ولا أن يدفِنَهُ، ولا أن يشارك في دَفنِهِ.

* قال: (وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ (٢)).

أما أبو ثَوْرٍ، فهو من أصحاب الإمام الشافعي، لكن له آراء كثيرة يخالف فيها المذهب الشافعي، وبعضُهم يجعله صاحبَ مذْهب، وأنه صاحب رأي مستَقِلٍّ، وهو إمامٌ جليلٌ مشهورٌ.

* قال: (قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ: "لَيْسَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ الْمُشْرِكِ سُنَّةٌ تُتَّبَعُ" (٣)، وَقَدْ رُوِيَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -عليه الصلاة والسلام- أَمَرَ بِغُسْلِ عَمِّهِ لَمَّا مَاتَ" (٤)).

ابْنُ المنذر هو الإمَام الجليل المشهور صاحب الكتب المشهورة التي عوَّل علَيها كثيرٌ من العلماء الذين جاؤوا من بعده، ككتاب "الإجماع" وكتابه "الأوسط" وكتابه "الإشراف"، وهو ممن يحكي الإجماع، وَكتبُهُ


(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٥/ ٣٤١)؛ حيث قال: "وكان الشافعي يقول: لا بأس أن يغسل المسلم ذا قرابته من المشركين، ويتبعه، ويدفنه، وبه قال أبو ثور".
(٢) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٢/ ٢٠٩)، حيث قال: "قال أبو جعفر: (ويغسل المسلم ذا قرابته من الكفار) ".
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٥/ ٣٤١)؛ حيث قال: "قال أبو بكر: ليس في غسل من خالف الإسلام سنة يجب اتباعها، والحديث الذي احتج به الشافعي منقطع لا تقوم به الحجة".
(٤) أخرج عبد الرزاق (٩٩٣٥) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الشَّيْخَ الضَّالَّ لِأَبِي طَالِب قَدْ مَاتَ قَالَ: "فَاغْسِلْهُ ثُمَّ اغْتَسِلْ كَمَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ أَجِنَّهُ" قَالَ: مَا كُنتُ لِأَفْعَلَ قَالَ: "فَأْمُرْ غَيْرَكَ". ثم أخرج (٩٩٣٦): عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبِ الْأَسْدِيِّ: أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا مَاتَ، انْطَلَقَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ فَمَنْ يُوَارِيهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَلَا تُحْدِثْ حَدَثًا حَتَّى تَأْتِيَنِي" قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>