للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَجْمَعُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى جَوَازِ غُسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا (١). وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ غُسْلِهِ إِيَّاهَا، فَالْجُمْهُورُ (٢) عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ؛ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣): لَا يَجُوزُ غُسْلُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هُوَ تَشْبِيهُ الْمَوْتِ بِالطَّلَاقِ، فَمَنْ شَبَّهَهُ بِالطَّلَاقِ قَالَ: لَا يَحِلُّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَنْ لَمْ يُشَبِّهْهُ بِالطَّلَاقِ وَهُمُ الْجُمْهُورُ قَالَ: إِنَّ مَا يَحِلُّ لَهُ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ يَحِلُّ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنَّمَا دَعَا أَبَا حَنِيفَةَ أَنْ يُشَبَّهَ الْمَوْتُ بِالطَّلَاقِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ إِذَا مَاتَتْ إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأُخْرَى، كَالْحَالِ فِيهَا إِذَا طُلِّقَتْ، وَهَذَا فِيهِ بعْدٌ، فَإِنَّ عِلَّةَ مَنْعِ الْجَمْعِ مُرْتَفِعَةٌ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، لِذَلِكَ حَلَّتْ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ عِلَّةَ مَنْعِ الْجَمْعِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ، وَإِنَّ مَنْعَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ غَيْرُ مَعْقُولَةِ الْمَعْنَى، فَيَقْوَى حِينَئِذٍ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ).

اختلفوا في جواز غسل الرَّجل امرأتَهُ:

فقال أكثرهم: جائز أن يغسلَ الرجُل امرأتَه كما جاز أن تغسله.


(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٥/ ٣٣٤)؛ حيث قال: "أجمع أهل العلم على أن للمرأة أن تغسل زوجها إذا مات".
(٢) مذهب المالكية، يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٦٠)؛ حيث فيها: "قال: وسألته عن الرجل يغسل امرأته في الحضر وعنده نساء يغسلنها؟ فقال: نعم. قلت: والمرأة تغسل زوجها وعندها رجال؟ فقال: نعم، فقلت له: أيستر كل واحد منهما عورة صاحبه؟ قال: نعم، وليفعل كل واحد منهما بصاحبه كما يفعل بالموتى يستر عليهم عورتهم".
مذهب الشافعية، يُنظر: الأم للشافعي (١/ ٣١١)؛ حيث قال: "ويغسل الرجل امرأته إذا ماتت، والمرأة زوجها إذا مات".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "مختصر الخرقي" (ص: ٣٩)؛ حيث قال: "وتغسل المرأة زوجها وإن دعت الضرورة إلى أن يغسل الرجل زوجته فلا بأس".
(٣) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٢/ ٢٠٤)؛ حيث قال: "قال أبو جعفر: (وتغسل المرأة زوجها إذا مات، ولا يغسل الرجل زوجته) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>