للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُرَيْرَةَ فَهُوَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا حَكَى أَبُو عُمَرَ غَيْرُ صحِيحٍ (١)، لَكِنَّ حَدِيثَ أَسْمَاءَ لَيْسَ فِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ مُعَارَضَةٌ لَهُ، فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَ الشَّيْءَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لأَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَسُؤَالُ أَسْمَاءَ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- يَدُلُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فِي الصَّدْرِ الأَوَّلِ، وَلِهَذَا كُلِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢) -رضي اللَّه عنه- عَلَى عَادَتِهِ فِي الِاحْتِيَاطِ وَالِالْتِفَاتِ إِلَى الأَثَرِ: لَا غُسْلَ عَلَى مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ).

اختلف فيه الفقهاء في هذه المسألة:

فقال بعضهم: منهم قائلون كل من غَسَّل ميِّتًا فعليه الغُسل.

قالوا: وإنما أسقط المهاجرون والأنصار -الذين حضروا غُسْل أسماء لزوجها- الغسل عنها لما ذكرت لهم؛ لأن إنما هي صائمة وأنه يوم شديد البرد.

واحتجَّ من رأى الغُسل على من غَسَّل الميت؛ بحديث أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "من غسَّلَ مَيِّتًا فلْيَغْتَسِلْ ومن حَملَهُ فليتوضَّأْ".

وروي عن بعض الصحابة: أنه لا غُسل علَى من غسَّلَ الميِّتَ، وحديث أبي هريرة ضعَّفه بعض أهل العلم.


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ١٧٤)؛ حيث قال: "وإنما أدخل مالك هذا الحديث إنكارًا لما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: "من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ". وهو حديث يرويه ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوءمة عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام وقد جاء من غير هذا الوجه أيضًا وإعلامًا أن العمل عندهم بخلافه". وقال في موضع آخر "الاستذكار" (٣/ ١٣): "وأما حديث أبي هريرة: فروي من حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، ودون العلاء زهير بن محمد وليس بحجة، ورواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، ومن أصحاب سهيل من يرويه عن سهيل عن أبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة، ورواه ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوءمة عن أبي هريرة كلهم يرفعه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ".
(٢) يُنظر: "المهذب" للشيرازي (١/ ٢٤١)؛ حيث قال: "وقال في البويطي: إن صح الحديث قلت بوجوبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>