للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو عبثًا، وبين إنسان يترك الموالاة لانشغاله بأمرٍ هامٍّ كالوضوء، وقد فصلنا الكلام في ذلك.

والأسعد في أي أمرٍ من الأمور هو من يقف عند النصوص، وكلُّ الأئمة -رحمهم الله ورضي عنهم- يقع بينهم اختلافٌ في مسائلَ كثيرة، ولكن يحرصون أشد الحرص في أنّهم يقفون عند النصوص، فقد يظهر لهذا دليلٌ ولا يظهر للآخر، ويتبين لهذا دليل ومفهوم، ما لم يتبين للآخر.

والصحابة -رضوان الله عليهم-، قد اختلف بعضهم في حكم المسحِ على الخفين، وقد فهم بعضهم وهم قلة: أنّ آيةَ المائدة كانت ناسخةَ للمسح على الخفين، فأُشكل ذلك عليهم، ومنهم ابن عباس - رضي الله عنه - (١)، ثم لمّا تبين لهم ذلك الأمر وقفوا عنده ورجعوا إلى الحق، وسنتعرض لسبب اختلاف الصحابة -رضوان الله عليهم- فيما يتعلق بتوقيت المسح، يَمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن والمقيم يومٌ وليلة، فنجد أن المالكية (٢) ينفردون في هذه المسألة عن الأئمة الأربعة (٣)، ولهم أدلةٌ عن الصحابة وآثارٌ، والجمهور لهم أدلةٌ وآثارٌ.

ولذلك نقول: الأَوْلى في هذه المسألة هو الوقوف عند النصوص،


(١) تقدم ذكر هذا والإجابة عليه.
(٢) يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير وحاشية الصاوي (١/ ١٥٤) حيث قال: "ولا حد في مدة المسح فلا يتقيد بيوم وليلة، ولا بأكثر ولا أقل خلافًا لمن ذهب إلى التحديد".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ١٧) حيث قال: "فإن كان مقيمًا مسح يوما وليلة وإن كان مسافرًا مسح ثلاثة أيام ولياليها وابتداؤها عقيب الحدث".
ومدْهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١/ ٢٥١) حيث قال: "في المدة التي يريد المسح لها وهي يوم وليلة للمقيم ونحوه وثلاثة أيام للمسافر".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١١٤) حيث قال: "ويمسح عاص بسفره بعيدا كان أو قريبا يوما وليلة وكذا مسافر دون المسافة؛ لأنه في حكم المقيم، ويمسح مسافر سفر قصر ثلاثة أيام بلياليهن".

<<  <  ج: ص:  >  >>