للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الذي يَتَرجَّحُ عندنا، وهو قول القائلين: بالاقتصار على أعلى الخف، لأنّ الحديث الذي ورد في ذلك هو حديث عليّ - رضي الله عنه -.

وأما دعوى أولئك في حديث عليٍّ - رضي الله عنه -: أنه لو كان الدِّين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، أنه ليس القصد من ذلك تعيُّن مسح الأعلى، وإنما المراد من ذلك أنه لو كان الدِّين بالرأي … ، ولكن ما كان الدِّين بالرأي، فينبغي كذلك أن نمسح الأمرين، وهناك تعليلات كثيرة للعلماء، لكن على العموم هذا نصٌّ صريح؛ لأنَّ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عندما روى الحديث قال: لو كان الدِّين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، ولم يتوقف عند هذا بل قال: وقد رأيت رسول اللّه مسح على ظاهر الخف.

إذًا بَيَّن أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في المَسح اقتصر على ظاهر الخف ولم يتعرض لباطنه.

> قوله: (وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ الاقْتِصَارَ عَلَى مَسْحِ البَاطِنِ فَقَطْ، فَلَا أَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً).

قوله: (لَا أَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً) والحقيقة أنّ لهم حُجَّتين:

الحجة الأولى: قالوا: أنّ الواجب هو مسح جزء من الخف.

ونرى: أن المتعين هنا إنما هو مسح أسفله؛ لأنه هو الذي يُعرف بالأذى، فعكسوا مفهوم حديث عليّ - رضي الله عنه -.

الحُجَّة الثانية: قالوا: إن في هذا مجازاةٌ للفرض فوقفوا عنده، وهذا تعليلٌ ضعيفٌ.

قوله: (لِأَنَّهُ لَا هَذَا الأَثَرَ اتَّبَعَ، وَلَا هَذَا القِيَاسَ اسْتَعْمَلَ، أَعْنِي: قِيَاسَ المَسْحِ عَلَى الغَسْلِ).

مسح الخف: هو أن يضع الإنسان يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم يبدأ من أطراف الأصابع فيمسح إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>