وإذَا ما رَجَعنا قليلًا إلى عصر العلماء الأعلام من التابعين، ثم الأئمة الأربعة الذين اشتهروا وذاع صيتهم في الآفاق، نجد أنهم قد سلكوا هذا المسلك …
فهذا الإمام الشافعي يتردد بين العراق ومكة، ثم يُلْقي في آخر أيامه عصا التسيار في مصر، ويلقي دروسه في مكة، ويحضر لديه أكابر طلاب العلم أمثال الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه.
ونجد كذلك الإمام أحمد بن حنبل إمام دار الإسلام، قد سافر إلى مكة واليمن، ورافقه في بعض رحلاته إسحاق بن راهويه.
ولا شكَّ أن الله سبحانهُ وتعالى قد أثنى على العلماء بقوله:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة: ١١].
وقال:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}[طه: ١١٤].
هذا توجيهٌ من الله سبحانهُ وتعالى.
وَبيَّنَ سبحانهُ وتعالى أن مِمَّا يعين على طَلَب العلم، وَيُوَفِّق صاحبه، ويُهيِّئ له العلم النافع هو أن يتَّقي الله سبحانهُ وتعالى في طلب ذلك العلم، بَلْ في كلِّ أموره في هذه الحياة، فاللهُ تَعالَى يقول:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ}[البقرة: ٢٨٢].
ولا بدَّ في طلَب العلم أيضًا من الإخلاص، يَقُولُ الرسول عليه الصلاة والسلام:"مَنْ سَلَك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنَّة"(١).
ومَنْ يُرد أن يُفقِّهه ربُّه سبحانهُ وتعالى في الدِّين، فعليه أن يُخلص في طلبه،
===
= امرأةٌ، فَقَالت: إنِّي قد أَرْضَعتُ عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، فركب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، فسأله، فقال رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "كيف وقَدْ قيلَ؟! "، ففارقها عقبة، ونكحت زوجًا غيره.