للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْعِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ شَرْعٌ مَحْدُودٌ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ شَرْعٌ يَجِبُ الوُقُوفُ عِنْدَهُ، وَلِذَلِكَ رَأَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ لَيْسَ في أَمْثَالِ هَذِهِ المَوَاضِعِ شَرْعٌ أَصْلًا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا شَرْعٌ لَبُيِّنَ لِلنَّاسِ، وَإِنَّمَا ذَهَبَ الأَكْثَرُ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "المُوَطَّإِ" مِنْ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الجَنَائِزِ بِالمَدِينَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعًا، فَيَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الإِمَامَ، وَيَجْعَلُونَ النِّسَاءَ مِمَّا يَلِي القِبْلَةَ (١)، وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى كذَلِكَ عَلَى جَنَازَةٍ فِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَالإِمَامُ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ العَاصِ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ أَمَرَ مَنْ سَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: هِيَ السُّنَّةُ (٢)، وَهَذَا يَدْخُلُ فِي المُسْنَدِ عِنْدَهُمْ).

ويُقْصد بـ "عبد الرزاق": صاحب "المصنف".

وإذا كان الصحابة فعلوا ذلك، ونسبوا هذا الفعل إلى سُنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيَنْبغي الوقوف عندها.

* قوله: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ الرِّجَالِ شَبَّهَهُمْ أَمَامَ الإِمَامِ بِحَالِهِمْ خَلْفَ الإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ).

عَمَلًا بأثر ابن مسعودٍ الموقوف (٣).


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٢٣٠).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٣/ ٤٦٥).
(٣) أخرجه عبد الرزاق موقوفًا في "المصنف" (٣/ ١٤٩)، عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا، فكانت المرأة لها الخليل تلبس القالبين تطول بهما لخليلها، فألقي عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول: "أخروهن حيث أخرهن اللَّه"، فقلنا لأبي بكر: ما القالبين؟ قال: "رفيصين من خشب".

<<  <  ج: ص:  >  >>