للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (لِأَنَّهُ لَمْ تَرِدْ سُنَّةٌ بِجَوَازِ الجَمْعِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَصْلِ الإِبَاحَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا بِالشَّرْعِ، وَإِذَا وُجِدَ الِاحْتِمَالُ، وَجَبَ التَّوَقُّفُ إِذَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (١). المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: وَاخْتَلَفُوا فِي الَّذِي يَفُوتُهُ بَعْضُ التَّكْبِيرِ عَلَى الجَنَازَةِ فِي مَوَاضِعَ).

وَهَذِهِ مسألةٌ مهمةٌ، وفيها خلافٌ؛ لأن الذي تفوته الصَّلاة على الجنازة إنما قَدْ فَاتَه بعض الصلاة، وأَعْتَقد أنَّ هذا هو مراد المؤلف؛ لأنه قد تفوت الإنسَان الصَّلاة كاملةً، فبعد ذلك هل يُصلِّي عليه إنْ كَانَت مَوْجودةً بعد لم تُرْفع؟ ثم إذا لم يصلِّ عليها، هَلْ يُصلِّي عليها عند القَبْر؟ وهذا سيأتي الكلام فيه، لكن القَصد فيمَنْ فاته شيءٌ من صلاة الجنازة، ماذا يفعل؟ هل يدخل مع الإمام كَمَا يفعل في الفريضة إذا جاء والإمام يصلي مع الناس، فإنه يدخل مع الإمام في أَيِّ جزءٍ من أجزائها، أو أنه ينتظر حتى يُكبِّر الإمام التكبيرة التي تلي التكبيرة التي فاتته، فيدخل مع الإمام فيها؟ ثم إذا كبَّر مع الإمام أيضًا، وَصَار مع الإمام، هَلْ يقضي ما فاته من التكبير متتابعًا؟ بمعنى: لو قُدِّر أنه أدرَك تَكْبيرتين، وجاء بهما مع الإمام، وفاتته تكبيرتان، هل يأتي بالتكبيرتين متتابعتين؟ فيقول: اللَّه أكبر، ثم يُتْبعها بقول: اللَّه أكبر فقط؟ أو أنه يأتي بكل واحدة منهما بالدعاء المأثور؟ هذه أيضًا اختلف فيها العلماء، فبعضهم يقول: يأتي بهما متتابعة، وبعضهم يقول: إنْ فاتته التكبيرة الأولَى، فإنه يقرأ الفاتحة، وفي الثانية


(١) وليس على إطلاقه، ويُنظر: "روضة الناظر" لابن قدامة (١/ ٥٠٨). حيث قال: "والتأويل: صرف اللفظ عن الاحتمال الظاهر إلى احتمال مرجوح به لاعتضاده بدليل يصير به، أغلب على الظن من المعنى الذي دل عليه الظاهر. إلا أن الاحتمال يقرب تارةً ويبعد أخرى، وقد يكون الاحتمال بعيدًا جدًّا فيحتاج إلى دليل في غاية القوة. وقد يكون قريبًا فيكفيه أدنى دليل".
وقال أيضًا (١/ ٥٥٩): "وإن توقفوا لمطلق الاحتمال: لزمهم التوقف في الظواهر كلها، وترك العمل بما لا يفيد القطع، واطراح أكثر الشريعة فإن أكثرها إنما ثبت بالظنون".

<<  <  ج: ص:  >  >>