للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويريد المؤلف أن يُبَيِّن منحًا أخذ به الحنفية، وهو: هل يُخْبر بخَبَر الآحَاد؟ الواقع أن الحنفية لم يلتزموا بهذا، فكم من الأحاديث أخذوا بها؛ لأنها توافق رأيًا في المذهب، وهي أيضًا أخبار الآحاد، وَخَبر الآحَاد إذا صح، لا ينبغي أن يُرَدَّ، بل ينبغي ويجب العمل به.

* قوله: (قَالَ القَاضِي:).

والقاضي هنا هو ابن رشد، وكلما ورد "القاضي" دون قيد في الكتاب، فالمراد به المؤلف: ابن رشد الحفيد.

* قوله: (وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِالعَمَلِ، وَفِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ الَّذِي يُسَمِّيهِ الحَنَفِيَّةُ عُمُومَ البَلْوَى (١)، وَقُلْنَا: إِنَّهَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ).

أَيْ: تَكرَّر كلَام المؤلف كثيرًا عن أهل المدينة، وهذه مسألةٌ أصوليةٌ معروفةٌ يتكلم عنها العلماء، وعمل أهل المدينة يختلفون فيه: هل هو حُجَّة أو لا (٢)، فهذه أمور خفَّفت فيها الشريعة الإسلامية، وهي تدخل ضمن


= نقل القرآن، واشتهر أخبار البيع، والنكاح، والطلاق، وغيرها، ولما لم يشتهر علمنا أنه سهو أو منسوخ. ألا ترى أن المتأخرين لما قبلوه اشتهر فيهم فلو كان ثابتًا في المتقدمين لاشتهر أيضًا ولما تفرد الواحد بنقله مع حاجة العامة إلى معرفته".
(١) يُنظر: "البحر المحيط" للزركشي (٦/ ٢٥٨). حيث قال: "قال الشيخ أبو حامد الإسفراييني في تعليقه: ومعنى قولنا: تعم به البلوى: أن كل أحد يحتاج إلى معرفته". وانظر: "كشف الأسرار" لعلاء الدين البخاري (٣/ ١٦).
(٢) يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (١/ ٢٤٣). حيث قال: "اتفق الأكثرون على أن إجماع أهل المدينة وحدهم لا يكون حجة على من خالفهم في حالة انعقاد إجماعهم خلافًا لمالك، فإنه قال: يكون حجة، ومن أصحابه من قال إنما أراد بذلك ترجيح روايتهم على رواية غيرهم، ومنهم من قال: أراد به أن يكون إجماعهم أولى، ولا تمتنع مخالفته. ومنهم من قال: أراد بذلك أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. والمختار مذهب الأكثرين، وذلك أن الأدلة الدالة على كون الإجماع حجة متناولة لأهل المدينة والخارج عن أهلها وبدونه لا يكونون كل الأمة ولا كل المؤمنين، فلا يكون إجماعهم حجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>