للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، لكن الكلام في الذين يرتكبون بدعةً عقديةً، هؤلاء هم الذين تكلم عنهم العلماء، أمَّا الذين يرتكبون كبيرةً من الكبائر كالزنا، فهؤلاء لا يُحْكم بكفرهم، وإنَّما هم عصاةٌ، وهم أيضًا داخلون تحت المشيئة.

* قوله: (فَلِذَلِكَ، لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ الفُقَهَاءُ الصَّلَاةَ عَلَى أَهْلِ الكَبَائِرِ، وَأَمَّا كَرَاهِيَةُ مَالِكٍ الصَّلَاةَ عَلَى أَهْلِ البِدَعِ، فَذَلِكَ لِمَكَانِ الزَّجْرِ وَالعُقُوبَةِ لَهُمْ (١)).

ولذَلكَ، يذكر العلماء أنَّ الإِمَامَ لا يصلي على أمثال هؤلاء حتى يكون ذلك رادعًا وزاجرًا لأمثال هؤلاء؛ لأن الإنسان إذا ارتكب الكبائر، وخَاض في المعاصي، ولم يُصَلَّ عليه بعد ذلك، فإن هذا دليلٌ على النقص فيه، فلعل ذلك يكون زاجرًا ورادعًا لمن يفكر في ارتكاب كبيرة من الكبائر.

* قوله: (وَإِنَّمَا لَمْ يَرَ مَالِكٌ صَلَاةَ الإِمَامِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ حَدًّا؛ "لِأَنَّ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يُصَلِّ عَلَى مَاعِزٍ، وَلَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ"، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ (٢)).

وَالأَحَاديث بالنسبة لمَاعِزٍ قد تَعدَّدت، ففيها أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى عليه، وفيها أنه لم يصلِّ عليه (٣)، وأنه "لم يصلِّ عليه" هذه هي التي


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ٤٢٤). حيث قال: " (و) كره (صلاة فاضل) بعلم أو عمل أو إمامة (على بدعي) ردعًا لمن هو مثله (أو مظهر كبيرة) كزنا وشرب خمر إن لم يخف عليهم الضيعة (و) كره صلاة (الإمام) وأهل الفضل (على من حده القتل) إما (بحد) كمحارب وتارك صلاة وزان محصن (أو قود) كقاتل مكافئ زجرًا لأمثالهم".
(٢) أخرجه أبو داود (٣١٨٦)، عن أبي برزة الأسلمي: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصل على ماعز بن مالك، ولم ينه عن الصلاة عليه". وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٣٢٢).
(٣) أخرجها البخاري (٦٨٢٠)، عن جابر: أن رجلًا من أسلم، جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فاعترف بالزنا، فأعرض عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى شهد على نفسه أربع مرات، قال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أبك جنون" قال: لا، قال: "آحصنت" قال: نعم، فأمر به فرجم بالمصلى، فلما =

<<  <  ج: ص:  >  >>