للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمسك بها المالكية، وفي مقدمتهم الإمام مالك، ورأوا أنها أصح الروايات في ذلك؛ لأن هذه هي التي رواها الأكثرون، ولكن جاء في أحاديث أُخرى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى على الغامدية، وأيضًا بالنسبة لقصة الغامدية جاء في بعض الروايات أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُصَلِّ عليها، وإنما أمرهم أن يصلُّوا عليها (١)، لكن في قصة الجهنية جاء أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى عليها، ولذلك قال له عمر: تصلي عليها وقد زنت؟ فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقَدْ تَابَت توبةً لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوَسعَتهم" (٢).

* قوله: (وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ؛ لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَبَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ" (٣)).

وَهَذا الحَديثُ أخرَجه الإمام مسلم وغيره أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جيء له برجلٍ قد قَتل نفسه بمشاقص (يعني: بنَصْلٍ)، فلم يصلِّ عليه رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: هذا دليلٌ على أن مَنْ قتل نفسه متعمدًا لا يصلَّى عليه؛ لأنه إنَّما فعل ذلك منافاةً للصَّبر، وهو مطالبٌ بأن يصبر على طاعة اللَّه، وأن يصبر عن مَعَاصيه، وأن يصبر على أقداره؛ ولذلك يقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عجبًا لأمر المؤمن، إِنَّ أَمْر المؤمنِ كله خير، إن أصابته


= أذلقته الحجارة فر، فأدرك فرجم حتى مات. فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خيرًا، وصلى عليه لم يقل يونس، وابن جريج، عن الزهري: "فصلى عليه". سئل أبو عبد اللَّه: "فصلى عليه، يصح؟ قال: رواه معمر، قيل له: رواه غير معمر؟ قال: لا".
(١) يُنظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٤/ ١٦٩). حيث قال: "فائدة: قال القاضي عياض: قوله: "فصلى عليها" هو بفتح الصاد واللام عند جمهور رواة مسلم، ولكن في رواية ابن أبي شيبة وأبي داود: "فصلي" بضم الصاد على البناء للمجهول، ويؤيده رواية أبي داود الأخرى: "ثم أمرهم فصلوا عليها". . . والذي في "مسلم" كما ترى: أنه صلى على الجهنية، وأما الغامدية فمحتملة".
(٢) أخرجه مسلم (١٦٩٦)، وتقدم لفظه.
(٣) أخرجه مسلم (٩٧٨)، عن جابر بن سمرة، قال: "أتي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- برجل قتل نفسه بمشاقص، فلم يصل عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>