للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء صبر، فكان خيرًا له" (١)، فالمؤمن الحق إذا نزلت به مصيبة، فإنه يَصْبر ويحتسب، وكذلك إذا حلَّت به نعمة من النعم، فإنه يشكر اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إذًا المؤمن يشكر اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في حالتي السَّرَّاء والضَّرَّاء.

وَفِي قصَّة المرأة التي شكَت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنها تُصْرع، وأنها تقع وربما تَكشَّفت، وطلبت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يدعو لها، فَخيَّرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين أن يدعو لها فتشفى، وبين أن تكون لها الجنة، فاختارت أن تبقى على حالها وهي تريد الجنة (٢)، وهذه بُغْية كل مؤمن، فكل مسلم في هذه الحياة إنما يسعى فيها عَلَّه أن يصل إلى تلك الجنة التي أُعدَّت للمتقين.

* قوله: (فَمَنْ صَحَّحَ هَذَا الأَثَرَ قَالَ: لَا يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ (٣))؛ لأن هذا الأثر عند الجماعة عدا البخاري، إذًا هو في "صحيح مسلم"، وهذه من المآخذ التي تُؤْخذ على المؤلف في هذا، وهو أنه أحيانًا قد يَهِمُ في بعض الأمور، فيقول في حديث: لو صحَّ،


(١) أخرجه مسلم (٢٩٩٩).
(٢) أخرجه البخاري (٥٦٥٢)، عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع اللَّه لي، قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت اللَّه أن يعافيك" فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف، فادع اللَّه لي أن لا أتكشف، فدعا لها حدثنا محمد، أخبرنا مخلد، عن ابن جريج، أخبرني عطاء: "أنه رأى أم زفر تلك امرأة طويلة سوداء، على ستر الكعبة".
(٣) يُنظر: "شرح النووي علي مسلم" (٧/ ٤٧). حيث قال: "قوله: (أتي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه). . . وفي هذا الحديث دليل لمن يقول لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء يصلى عليه وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يصل عليه بنفسه زجرًا للناس عن مثل فعله وصلت عليه الصحابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>