للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطعون أو أمثال هؤلاء ممن ورد النص فيهم (١)، فالَّذينَ ماتوا في المعركة في ساحة القتال وهم يُقَاتلون أعداء اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هل لهم حكمٌ يخصُّهم؟ أكثر العلماء (٢) قالوا: نعم، من مات في المعركة لا يُغسَّل، ولا يُصَلَّى عليه، وإنما يُدْفن في ثيابه (٣)، فإن كان عليه شَيءٌ من الحديد ونحوها، فإنها تُنْزع منه، لكنه يُدْفن على حالته ليأتي يوم القيامة لونه لون الدم، وريحه ريح المسك (٤)، ومن الأمثلَة على ذلك ما وقع لشهداء أُحُدٍ، فإنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومَعَه المؤمنون دفنوهم، فلم يغسلوهم، ولم يُصلُّوا عليهم، ومنهم مَنْ دُفِنَ، يعني: عدد منهم، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمر بدفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد (٥).

ولذلك، يتكلم العلماء عن هذه المسألة فيما إذا قُبِرَ عددٌ، فقالوا: لا مانع من أن يُقْبَرَ عَدَدٌ في قَبْرٍ وَاحِدٍ، والمسألة فيها خلافٌ، لكن يُوضَع


(١) أخرجه مسلم (١٩١٥)، عن أبي هريرة، قال، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما تعدون الشهيد فيكم؟ " قالوا: يا رسول اللَّه، من قتل في سبيل اللَّه فهو شهيد، قال: "إن شهداء أمتي إذًا لقليل"، قالوا: فمن هم يا رسول اللَّه؟ قال: "من قتل في سبيل اللَّه فهو شهيد، ومن مات في سبيل اللَّه فهو شهيد، ومن مات فى الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد"، قال ابن مقسم: أشهد على أبيك في هذا الحديث أنه قال: "والغريق شهيد".
(٢) خلافًا للحنفية، وسيأتي تفصيله.
(٣) معنى حديث أخرجه أبو داود (٣١٣٤) عن ابن عباس، قال: "أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم". وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٧١٠).
(٤) معنى حديث أخرجه النسائي (٢٠٠٢) عن عبد اللَّه بن ثعلبة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لقتلى أحد: "زملوهم بدمائهم، فإنه ليس كلم يكلم في اللَّه إلا يأتي يوم القيامة يدمى، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك". وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٣٥٧٣).
(٥) أخرجه البخاري (١٣٤٣)، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-، قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: "أيهم اكثر أخذًا للقرآن"، فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال: "أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة"، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا، ولم يصل عليهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>