للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأَمْرُ لا يتعلَّق بصحة الصلاة، وَعَدم صحَّتها، لَكن الكلام فيما هو الأَوْلَى؟ فبعض العلماء قال: يقدم الولي، وبعضهم قال: الوصي؛ لأن له الحق في ذلك، والذين قالوا: يقدم الولي؛ لأنه هو الذي يُقدَّم في كثيرٍ من الأمور، وَفِي ذلك ما يَتَعلَّق أيضًا بعقد النكاح، فالوليُّ يقدم فيه، ولذلك جاء في الحديث: "والسُّلطان وليُّ مَنْ لا وليَّ له" (١)، فجعل في المرتبة الثانية بعد الوليِّ.

ومنهم مَنْ يقول: لَا، الصلاةُ داخلةٌ في الولاية العظمى، فينبغي أن يقدم فيها الإمام؛ لأن الإِمَامَ هو الَّذي يعين الأئمة ويختارهم. وبعضهم قال: لا، إذا أَوْصَى لإنسانٍ بأن يُصلِّي عليه، فَهو أَوْلَى، وقد صحَّ عن عددٍ من الصحابة أنهم أوصوا أن يصلَّى عليهم، فَخلَّى عليهم مَنْ أوصوا لهم.

وَأَبو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- أوصَى عمرَ أن يصلِّي عليه (٢)، فصلَّى عليه عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-، وَكَذلك أوصى عبد اللَّه بن مسعود (٣)، وكذلك أوصت عائشة أن يصلِّي عليها أبو هُرَيرة (٤)، وهناك أمثلةٌ كثيرةٌ من وَصَايا الصحابة -رضي اللَّه عنهم- (٥)، فمن هنا أخذ بعض العلماء (وهم الحنابلة) (٦)، فقالوا: الوَصيُّ يُقدَّم. وَمنَ العلماء (وهم


(١) أخرجه أبو داود (٢٠٨٣)، عن عائشة، قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما امرأة نكحت بغبر إذن مواليها، فنكاحها باطل"، ثلاث مرات "فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"، وصححه الألباني في "المشكاة" (٣١٣١ - ٦).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٣/ ٤٧١)، عن معمر، عن الزهري قال: "صلى عمر على أبي بكر، وصلى صهيب على عمر".
(٣) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" (١/ ٤٩٩)، عن شريك، عن أبي إسحاق: أن ابن مسعود أوصى إلى الزبير أن يصلي عليه.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٣/ ٤٧١)، عن ابن جريج، عن نافع قال: سمعته يقول: "صليت على عائشة والإمام يومئذ أبو هريرة. . . ".
(٥) يُنظر: "مصنف ابن ابي شيبة" (٢/ ٤٨٣).
(٦) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ١١١)، حيث قال: " (والأولى بها) أي بالصلاة على الميت إماما وصيه العدل لإجماع الصحابة فإنهم ما زالوا يوصون بذلك ويقدمون الوصي. . . ثم (بعد الوصي: السلطان) لعموم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يؤمن الرجل =

<<  <  ج: ص:  >  >>