للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَلِّهِ، قَالَ: لِأَنَّ حُرْمَةَ البَعْضِ كَحُرْمَةِ الكُلِّ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ البَعْضُ مَحَلَّ الحَيَاةِ، وَكَانَ مِمَّنْ يُجِيزُ الصَّلَاةَ عَلَى الغَائِبِ (١)).

وهذه مسألة أخرى؛ لأنه قد يقطع الجسد، قد يأتي سيف على يد إنسان فيقطعها، وقد حدث هذا لبعض الصحابة الذين كانوا يحملون اللواء، كجعفر وغيره، فقد يقطع من الإنسان أجزاء، فهذه الأجزاء هل يصلى عليها؟ وهل هناك فرق بين أن يكون الباقي من جسد المؤمن أكثره أو لا؟ بمعنى إن بقي من الجسد أكثره فعل به كذا، وإن لم يكن فلا؟ هذه مسألة فيها تفصيل. وقد حدث مثل هذا فيما وقع من حرب بين علي -رضي اللَّه عنه- وبين الخارجين عليه، وقد صلى على بعض الأطراف. ويحكي الفقهاء -ولست متأكدًا من صحة سندها- أن طيرًا حمل يدًا فأوقعها في مكة من تلك الحروب التي حصلت، فعرف صاحبها بخاتمه الذي كان يلبسه في أصبعه، فصلي عليه (٢).

قال المصنف رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:


= بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، فصلى عليها أهل مكة، واستثنى الشعر، والظفر والسن لأنه لا حياة فيها. . . ".
(١) وهم الشافعية والحنابلة، وقد تقدَّم بيانه.
(٢) هذا الأثر ذكره الشافعي بنحوه بلاغا في "الأم" (١/ ٣٠٦). حيث قال: "وبلغنا أن طائرًا ألقى يدًا بمكة في وقعة الجمل فعرفوها بالخاتم فغسلوها، وصلوا عليها".
قال ابن الملقن في "البدر المنير" (٥/ ٣٧٨): "وذكره الزبير بن بكار في "الأنساب" وقال: "كان الطائر نسرًا". قلت: وقال ابن قتيبة: "كان (عقابًا) " وتقدم أنه ألقاها بمكة، وقال غيره: ألقاها باليمامة. وقال أبو موسى الأصبهاني وغيره: ألقاها بالمدينة، وكانت وقعة الجمل في جمادي الأولى سنة ست وثلاثين، وبعدها صفين سنة سبع وثلاثين، وكلاهما في خلافة علي -رضي اللَّه عنه-".

<<  <  ج: ص:  >  >>