القوي العزيز الذي لا يغالبه أحد على أمره، ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، وهذا لا يكون إلا للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
قال تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا}[فاطر: ٤٠]؛ فهؤلاء الذين عُبدوا أو دُعوا من دون اللَّه لا قوة لهم، فلا هم خلقوا، ولا لهم ملك تام في السموات ولا في الأرض، بل ليس لهم ملك مشترك، فعلى أي شيء يعبدون ويسألون من دون اللَّه، بل قال اللَّه تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (١٩٣) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ} [الأعراف: ١٩١ - ١٩٥]؛ فحتى هذه الأشياء من دفع الضر عن أنفسهم وإجابة من يدعوهم، واستعمال آلاتهم من السمع والبصر لا يقدرون عليها، فكيف يتوجه لهم الناس بالعبادة؟! فالواقعون في هذه الأشياء على خطر عظيم جدًّا، فهم واقعون في الشرك الأكبر الموجب للخلود في النار إن مات عليه صاحبه ولم يتب منه، فنسأل اللَّه العافية.
أما ما يدعي البعض بأنهم يعلمون أنَّ مَن ينفع ويضر على الحقيقة هو اللَّه تبارك وتعالى، لكنهم يذهبون إلى هؤلاء الصالحين لمَا لهم من الجاه والصلاح والتُّقى وغير ذلك، فيطلبون منهم الشفاعة لهم عند اللَّه؛ فهذا أيضًا جهل، وهذا حق أُريد به باطل؛ وذريعة مفضية إلى الشرك الأكبر؛ لأن هذا إن كان صالحًا فصلاحه لنفسه، وهو لا يملك من أمره نفعًا ولا ضرًّا، ولا يملك لنفسه خيرًا ولا شرًّا إلا بما شاء اللَّه له، فكيف يملكه لغيره، وكيف يقدر على نفع غيره أو رفع الضرر عنه.