للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْمَدُ (١): لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا بِتَيَمُّمٍ).

معلوم أن الصلاة يلزم لها التطهر ورفع الحدث -سواء في ذلك الحدثان الأصغر والأكبر-، فهو شرط من شروط صحة الصلاة كما سلف ذكره في موضعه لغير ما دليل، منها قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يقبَلُ اللَّهُ صلاةً بغيرِ طُهورٍ ولا صدَقةً مِن غُلولٍ" (٢).

والأصل أن رفع الحدث إنما يكون بالماء، فإذا عدم الماء يُنتقل إلى بديله وهو التيمم، فالماء أصل والتيمم بدل، وإذا عدم الأصل ينتقل إلى البدل، إلا أن هناك مَن ينازع في كون التيمم بديلًا عن الماء؛ إذ يرون بينهما فرقًا، وهم الظاهرية (٣)، فهم يرون أن التراب لا ينظف مثل الماء، بل يقذر ويلوث.

فالمسألة هاهنا تختلف صورتها عن صورة التيمم المعروفة؛ فالتيمم أن يعدم الإنسان الماء ولا يستطيع التحصل عليه، وحضرته الصلاة فيتمم ويصلي.

أما صورة هذه المسألة: إنسان خشي أن تفوته الجنازة، بحيث أنه لو


= عندنا، خلافًا لأبي حنيفة أما إذا كان ثم من يحصل به الفرض فليس له التيمم لفعلها؛ لأنه لا ضرورة به إليه ولا فرق في عدم بطلان الصلاة السابقة برؤية الماء بين الفرض والنفل". وانظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (١/ ٢٨١).
(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٩٤)؛ حيث قال: " (ولا يتيمم) مع الماء (لخوف فوت جنازة) بالوضوء (ولا) لخوف فوت وقت (فرض) إن توضأ لمفهوم قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: ٦] (إلا هنا)؛ أي: فيما إذا علم المسافر الماء أو دله عليه ثقة قريبًا وخاف بقصده فوت الوقت".
(٢) أخرجه مسلم (٢٢٤).
(٣) يُنظر: "المحلى"، لابن حزم (١/ ٣٧١)؛ حيث قال: "وأما قولهم: إن التيمم بدل من الوضوء، فيقال لهم: فكان ماذا؟ ومن أين وجب أن يكون البدل على صفة المبدل منه؟ وإن كان هذا فأنتم أول مخالف لهذا الحكم الذي قضيتم أنه حق، فأسقطتم في التيمم الرأس والرجلين، وهما فرضان في الوضوء وأسقطتم جميع الجسد في التيمم للجنابة وهو فرض في الغسل".

<<  <  ج: ص:  >  >>