يُقصَد بالخفِّ الصحيح: الذي لا توجد فيه خروقٌ، ولا شقوقٌ في أي جهةٍ من جهاته.
واعلمْ أنَّ الذين منعوا المسح على الخفّ المخرَّق يقولون: إذا تخرّق الخفّ ظهرت بعض أجزاء القدم، فيوجد لدينا في هذا المقام أصلٌ وبدلٌ، هذا الذي ظهر من القدم فرضُه الغسل، والذي هو مغطّى فرضُه المسح، فكأننا في هذا المقام نجمع بين الأصل والبدل وهذا لا يجوز، وهذه هي أقوى حجة للذين منعوا المسح على الخفِّ المخرَّق، هذا تعليلهم، وهو غير مُسلَّم؛ لأنَّ الخفَّ لا يُمسح جميعُه حتى يقال هذا الكلام.
قوله:(وَاخْتَلَفُوا فِي المُخَرَّقِ).
وسترى -أيها القارئ- في دراستنا لهذا الكتاب أننا لا ننظر إلى المذهب ولا إلى صاحبه، ولكننا دائمًا ندور مع النصوص أينما ذهبت، فمتى ما وجدنا أنَّ النَّص صحيح وصريح أخذنا به، وقد لا نجدُ نصًّا في المسألة، لكنَّنا نجد أنَّ رأي هذا المذهب يلتقي مع روح الشريعة الإسلامية وسماحتها وعدالتها، ومع رفع الحرج فيها، تجد أننا نميل إليه، وستجدون أننا نتجه إلى مذهب المالكية والحنفية في هذه المسألة، وإن كنَّا نأخذ على الحنفية أنَّهم حدَّدوا ذلك، لكننا سنأخذ بهذا الرأي في قضية التجاوز في الخرق اليسير.
لا شكَّ أن هذا القول قول بديعٌ، وأنه يلتقي مع روح الشريعة الإسلامية، وما فيها من سماحةٍ وتيسيرٍ، وهذا القول قال به الإمام مالك
(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (١/ ١٤٣)، حيث قال: " (و) لا يمسح (مخرق)، أي: مقطع: الخف المقطع لا يمسح عليه إذا انقطع منه ثلث القدم سواء كان القطع منفتحا أو كان ملتصقًا فإن كان القطع أقل من ثلث القدم مسح إن كان ملتصقًا أو كان منفتحًا صغيرًا لا إن كان كبيرًا".