للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"صحيح مسلم" (١)، ولذلك اختلف العلماء في جواز الكتابة من عدمها (٢).

فذهب بعضهم: إلى جواز الكتابة قائلين: إن الكتابة قد اشتهرت في العصور الإسلامية فعلًا (٣).

لكننا نقول: الرواية صحَّت، وما دامت صحت الرواية فالصحيح عدم جواز الكتابة، لكن يجوز أن توضع علامة على القبر حتى يهتدي إلى هذا القبر (٤) إذا أراد أحد زيارته، ولا شكَّ أن زيارة القبور مشروعة؛ فرِسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "كنتُ نهَيْتُكم عن زيارةِ القبورِ ألا فزورُوها فإنها تُذَكِّرُ الآخرةَ" (٥).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨)؛ حيث قال: " (قوله لا بأس بالكتابة. . . إلخ)؛ لأن النهي عنها وإن صح فقد وجد الإجماع العملي بها، فقد أخرج الحاكم النهي عنها من طرق، ثم قال: … فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف. . . فإن الكتابة طريق إلى تعرف القبر بها، نعم يظهر أن محل هذا الإجماع العملي على الرخصة فيها ما إذا كانت الحاجة داعية إليه في الجملة. . . حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن فلا بأس به. فأما الكتابة بغير عذر فلا". اهـ. حتى إنه يكره كتابة شيء عليه من القرآن أو الشعر أو إطراء مدح له ونحو ذلك.
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير"، للشيخ الدردير (١/ ٤٢٥)؛ حيث قال: "وإن بوهي به حرم، وظاهره أن النقش مكروه ولو قرآنًا، وينبغي الحرمة لأنه يؤدي إلى امتهانه كذا ذكروا ومثله نقش القرآن وأسماء اللَّه في الجدران".
مذهب الشافعية، يُنظر: "روضة الطالبين"، للنووي (٢/ ١٣٦)؛ حيث قال: "ويكره تجصيص القبر، والكتابة، والبناء عليه، ولو بني عليه هدم إن كانت المقبرة مسبلة، وإن كان القبر في ملكه، فلا".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ١٤٠)؛ حيث قال: " (و) تكره (الكتابة عليه) لما تقدم من حديث جابر".
(٣) وهو مذهب الحنفية وقد تقدم.
(٤) يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ١٣٨)؛ حيث قال: " (يستحب رفع القبر) عن الاْرض (قدر شبر) ليعرف أنه قبر، فيتوقى ويترحم على صاحبه".
(٥) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٣٠٠٥)، وصححه الأرناؤوط. وأصله في "صحيح مسلم" (١٩٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>