للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا عَلَى اليَتِيمِ).

اليتيم (١) هو: الصغير الذي مات أبوه ولم يبلغ، فكل إنسان مات أبوه ولم يبلغ الحلم فإنه يُسمَّى يتيمًا، وهي كلمة مشتقة من اليتم؛ أي: الانفراد؛ لأنه أصبح منفردًا.

لكن لا ننسى أن الإنسان إذا مات أبوه أو مات والداه؛ فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يضيِّعه قال -عزَّ وجلَّ-: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦].

وكما جاء في الحديث: "الناس عيال اللَّه" (٢).

فاللَّه عزَّ وجلَّ هو الذي خلق هذا الصغير، وهو الذي قبض روح والده، وهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الذي سيتولى أمره وسييسر له أسباب الخير.

وربما لو أن كل واحد منا أراد أن يجري دراسة يسيرة على بعض أفراد المجتمع لوجد أن كثيرًا من الذين نبغوا في حياتهم وتقدموا في أمورهم أنهم كانوا أيتامًا؛ لأن أولئك عصرتهم الدنيا، فتجده عصاميًّا من أول حياته، لكن الذي يعيش بين والديه ربما يتعود على الدَّلال؛ لأنه يعيش بين أبوين يوفران له كل أسباب العيش، وكل أسباب الراحة والطمأنينة، لكن هذا تعصره الحياة عصرًا فيصبح رجلًا شديدًا.

ولذلك نجد فرقًا بين إنسان يجمع المال عن شقاء وتعب، وبين إنسان يأتيه المال عفوًا، تجد هذا يحافظ عليه ويحرص عليه.

ولذلك ليس السفيه (٣) فقط هو الصغير، بل هناك من الكبار من


(١) اليتم في الناس: فقد الصبي أباه قبل البلوغ، وفي الدواب: فقد الأم. انظر: "النهاية"، لابن الأثير (٥/ ٢٩١).
(٢) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٩/ ٥٢١) عن أنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الخلق كلهم عيال اللَّه، فأحب الخلق إلى اللَّه أنفعهم لعياله". وضعفه الألباني في "المشكاة" (٤٩٩٨).
(٣) السفيه: القليل العقل الضعيف التمييز. انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي"، للأزهري (ص ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>