للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناضِّ، فلو أن إنسانًا عنده مبلغ من النقود، وعليه ديون تستغرق هذا المبلغ، لكن عنده عروض تجارة تساوي الدين؛ فإن هذا مقابل هذا ويزكي ما عنده من الناض.

هذا هو مراد المؤلف، وهو الذي يُشير فيه إلى مذهب المالكية.

* قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ بِمُقَابِلِ القَوْلِ الأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ زَكَاةً أَصْلًا).

ذهب الشافعي (١) رَحِمَهُ اللَّهُ في الجديد: إلى أن الدين لا يمنع الزكاة أصلًا.

والشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ له مذهبان: مذهبه القديم، وهو الذي أسسه في العراق لأنه أقام في العراق فترة طويلة تعلم فيها وأصبح عالمًا من العلماء، ثم أصبح إمامًا من الأئمة وطوف في عدة بلاد، ذهب إلى المدينة وأقام بمكة فترة، وألقى دروسًا في بيت اللَّه الحرام، وذهب إلى اليمن وإلى غير ذلك، لكنه في النهاية ألقى عصا التسيار (٢) في مصر، ولما ذهب إلى مصر أسس مذهبه الجديد، التقى بعد ذلك بالليث وبتلاميذه، ووقف على مسائل جديدة، فأسس مذهبه الجديد، وهو في كثير من مسائله يخالف مذهبه القديم.

لكن ليس معنى هذا أن كل ما دوَّنه الشافعي في مذهبه الجديد هو


(١) يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٢/ ١٢٥)؛ حيث قال: " (ولا يمنع الدين وجوبها) سواء كان حالًّا أم لا، من جنس المال أم لا، للَّه تعالى كالزكاة والكفارة والنذر أم لا (في أظهر الأقوال) لإطلاق الأدلة الموجبة للزكاة؛ ولأنه مالك للنصاب نافذ التصرف فيه. والثاني: يمنع كما يمنع وجوب الحج. (والثالث: يمنع في المال الباطن، وهو النقد) ولو عبر بالذهب والفضة ليشمل غير المضروب كان أولى". وانظر: "روضة الطالبين"، للنووي (٢/ ١٩٧).
(٢) ألقى عصا التَّسْيار: كلمة تقال للرجل إِذا أقام. انظر: "شمس العلوم"، للحميري (٢/ ٩٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>