للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالزكاة فيها حق للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأنها عبادة تعبَّد اللَّه المؤمنين بأن يؤدوها، وحق للفقراء قال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥)} [المعارج: ٢٤، ٢٥]؛ فهي من هذا الجانب حق للمستحقين من الأصناف الثمانية.

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّهَا حَقٌّ لَهُمْ قَالَ: لَا زَكَاةَ فِي مَالِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الدَّيْنِ مُتَقَدِّمٌ بِالزَّمَانِ عَلَى حَقِّ المَسَاكِينِ، وَهُوَ فِي الحَقِيقَةِ مَالُ صَاحِبِ الدَّيْنِ لَا الَّذِي المَالُ بِيَدِهِ، وَمَنْ قَالَ هِيَ عِبَادَةٌ قَالَ: تَجِبُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ مَالٌ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ، وَعَلَامَتُهُ المُقْتَضِيَةُ الوُجُوبَ عَلَى المُكَلَّفِ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ تَعَارَضَ هُنَالِكَ حَقَّانِ: حَقٌّ للَّه، وَحَقٌّ لِلْآدَمِيِّ، وَحَقُّ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).

الذين يقولون بوجوب الزكاة فيمن عليه دين، لا يقولون بقول المؤلف، وإنما هم يقولون: هذا إنسان يملك نصابًا من المال، وهو مطالب بالزكاة، والزكاة واجبة في هذا المال؛ فيجب عليه أن يخرجها، لا فرق بين أن يكون عليه دين أو لم يكن عليه دين.

واختلف العلماء في ارتباط الزكاة بالذمة أو بالعين (١):


(١) مذهب الحنفية والمالكية والشافعي في مذهبه الجديد: الزكاة تجب في العين دون الذمة. وقال الحنابلة: تجب الزكاة في الذمة بحلول الحول، وإن تلف المال فرط أو لم يفرط، وإذا حال الحول على مال ولم يؤد زكاته، وجب أداؤها لما مضى.
مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار"، للحصكفي (ص ١٣٠)؛ حيث قال: " (و) لا في (هالك بعد وجوبها) ومنع الساعي في الأصح لتعلقها بالعين لا بالذمة، وإن هلك بعضه سقط حظه، ويصرف الهالك إلى العفو أولًا، ثم إلى نصاب يليه، ثم وثم (بخلاف المستهلك) ".
مذهب المالكية، يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ٦٧)؛ حيث قال: " (الشرط الثالث) كون المال مما تجب فيه الزكاة وهو ثلاثة أصناف العين والحرث والماشية". مذهب الشافعية، يُنظر: "المهذب في فقة الإمام الشافعي"، للشيرازي (١/ ٢٦٨)؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>