للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وصدقةُ تطوعٍ، وهذه غير واجبةٍ، لكنها من الأعمال الطيبة المشروعة التي حضّت عليها هذه الشريعة، ورغّبت فيها، وطالبت بالإسراع والمبادرة إلى الإنفاق في هذا السبيل، وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرةٌ عرضنا لبعضها أثناء حديثنا عمّا يتعلق بالزكاة.

* قوله: (وَلَا مَعْنَى لِمَنْ أَوْجَبَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي ذَلِكَ شَيْئَانِ اثْنَانِ: أَحَدُهُمَا:).

انظر إلى عبارات المؤلف، مما يُعجبني في المؤلف أنه لا يتعصب لمذهبه، فمعلومٌ أنه ينتسب إلى مذهب المالكية، لكنَّ ذلك لا يؤثر عليه، فهو بهذا يُرجّح الرأي الذي ذهبنا إليه، وتعليله وجيهٌ بلا شك، وهذا هو شأن طالب العلم الذي يريد الحق، ويبتغي الوصول إليه من أقرب طريقٍ وأهدى سبيلٍ، ولا شك أنَّ الحقَّ في ذلك ما وافق كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ، وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالقول الذي يؤيده الكتاب، وتعضِّده سنةُ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ينبغي أن نقدّمه على كل قولٍ، وليس معنى أن نأخذ بقول عالمٍ من العلماء، أو بأقوال بعض العلماء دون بعضهم - أن هذا نقصٌ في الآخرين، لكن هؤلاء وُفّقوا إلى الصواب في هذه المسألة، اجتهدوا فيها، ونحن نرى فيما يظهر لنا أنها أقرب إلى الكتاب والسنة فنأخذ بها، وقد تأتي مسائل أخرى يكون رأي الطائفة الأخرى المرجوحة هو الصواب فيها، فنكون معهم فيها، وهكذا.

* قوله: (أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مِلْكٌ نَاقِصٌ).

هي مِلك ناقصٌ؛ لأن أصولها مُحبَّسة، وهناك فرقٌ بين الوقف الذي وُقف أصله؛ كعمارةٍ توقف على جهةٍ معينةٍ، أو على جهةٍ عامَّة، فيستفاد بها في سكنها، وفي ريعها، لكن هذا الوقف لا يُباع، ولا يوهبُ، وبين مالٍ تملكه ملكًا تامًّا تتصرف فيه بيعًا وشراءً وهبةً، وغير ذلك، فهو مِلكٌ ناقصٌ؛ لأنَّ المِلك إنما هو مُتعلقٌ بالمنافع، ومن هنا يُفرّق العلماء بين البيع وبين الإجارة؛ فالإجارة إنما هي مِلكٌ للمنافع، والبيع إنما هو مِلكٌ للعين؛ فأنت عندما تستأجر دارًا، تملك منفعتها مدةً

<<  <  ج: ص:  >  >>