للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سماحتها، وإلى عدالتها، هو ما أَخَذ به الشافعية والحنابلة، من أنها إذا كانت على جهةٍ عامةٍ فلا زكاة فيها؛ كأنْ تكون موقوفةً على مساجد، أو على قناطر، أو على أيتامٍ، أو على مدارسَ، أو على مساكين، أو غير ذلك من الأصناف التي ذكرناها آنفًا، فهذه لا زكاة فيها، أما إنْ كانت موقوفةً على معيّنٍ؛ كشخصٍ من الناس أو أشخاص، فإنها تجب فيها الزكاة، وهذا هو الأولى.

* قوله: (وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُحَبَّسَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ).

لقد صحَّحتُ ما في الكتاب من وهمٍ، وقلتُ إنَّ ما نسبه المؤلف إلى الشافعية غير صحيحٍ، وإنما مذهبهم هو الأخير (١)، وهم والحنابلة (٢) في ذلك سواءٌ، وهو الذي أشرتُ إليه قبل قليلٍ.

* قوله: (فَأَوْجَبُوا فِيهَا الصَّدَقَةَ إِذَا كَانَتْ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَلَمْ يُوجِبُوا فِيهَا الصَّدَقَةَ إِذَا كَانَتْ عَلَى الْمَسَاكِينِ).

ليس مراد المؤلِّف بالصدقة هنا صدقة التطوع، وإنما المراد بها: الزكاة، والزكاة أيضًا تُسمى صدقةً، كما في قول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣]، {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: ٦٠]، إلى آخر الآيات، فالزكاة صدقةٌ؛ لأنَّ القصد أن يتصدَّق بها على الفقراء والمساكين، والصدقة نوعان:

- صدقةٌ مفروضةٌ واجبةٌ، ركنٌ، وهي الزكاة.


(١) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ١٢٣)؛ حيث قال: "لا زكاة في الموقوف على جهةٍ عامةٍ، وتجب في الموقوف على معينٍ".
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ١٧٠)؛ حيث قال: " (ولا) زكاةَ (في السائمة وغيرها الموقوفة على غير معينٍ، كالمساكين أو على مسجدٍ ورباطٍ ونحوهما) كمدرسةٍ، لعدم ملكهم لها"، وانظر: "الفروع" لابن مفلحٍ (٣/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>