إذًا إمامنا الإمام الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ ذكّرنا بأن الإيمان قولٌ وعملٌ ونيةٌ، وبيّن لنا -رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى ورحم غيره من العلماء العاملين-، وأيضًا من سبقونا من هذه الأمة رحمهم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جميعًا، ممن آمنوا باللَّه ربًّا، وبمحمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- رسولًا، وبالإسلام دينًا-، فهو قد بيَّن رَحِمَهُ اللَّهُ في هذا القول الذي أشرتُ إليه قول الحق، وبيّن أن هذا هو قول أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم القيامة.
وهذا هو الطريق السوي الذي ينبغي أن يسلكه المؤمن، وأنبّه إلى أمر يسيرٍ، وهو أنه: لا شك أنَّ الإنسان في هذه الحياة ربما يقع في بعض الأخطاء، قد يكون بعضنا عاش في بلدٍ ما، أو في مكانٍ ما، فلُبّست عليه الحقائق، وربما ينشأ الإنسان كما قيل:
وينشأ ناشئ الفتيان منا … على ما كان عوّده أبوه
وربما يقضي إنسان مرحلةً من حياته يدرس العقيدة، وربما يكون درس هذه العقيدة على طريق غير مستقيمٍ، في طريق معوجٍّ، وهذه العقيدة نحن نُدرك أنه من الصعب أن تنقل إنسانًا عنها بأن تقول له هذا خطأٌ، لا، ولكن لكي تنقل إنسانًا من خطأ في عقيدة إلى عقيدة الحق لا بد أن تُبيّن له الصواب، وأن تأخذه بالتدريج خطوةً خطوةً، كما كان العلماء السابقون يفعلون ذلك؛ تُبيّن له أن هذه العقيدة فيها كذا وكدا، وأن الخطأ في كذا وكذا؛ لأنَّ اللَّه -تعالى- يقول كذا؛ ولأنَّ رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول كذا.
ثم أختم التعليق على هذه المسألة بأنَّ السعيد كل السعاد كل السعادة، والتقي كل التقوى، والفائز في هذه الدنيا وفي الآخرة هو من لقي اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعقيدةٍ صافيةٍ نقيةٍ، أخذها من كتاب اللَّه -عزَّ وجلَّ-، ومن سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا حُجة لأحدٍ بأن يقول: اختلطت الأمور، واضطربت الخطوب، وأصبحت الأمور غير واضحةٍ، لا حجة لأحدٍ يقول شيئًا من ذلك.
فالأمر واضحٌ؛ لأنك إذا أخذت الحكم وأيدته بقال اللَّه -تعالى-،