للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخطأ حقيقة في توجيه الآراء، وفي الاستدلال عليها في نظري واللَّه أعلم.

* قوله: (وَمَنْ شَبَّهَ الْقَوْلَ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ قَالَ: التَّصدِيقُ فَقَطْ هُوَ شَرْطُ الْإِيمَانِ).

لأنَّ بعضهم يقول: الإيمان تصديقٌ وعلمٌ، يعني تُصدّق بقلبك وتعلم ذلك، لكن لا يلزم أن تنطق باللسان، ولا أن تعمل بالجوارح، وبعضهم يقول: نطق باللسان يكفي، هذا اللسان يدل على ما عند الإنسان، ليس هناك داعٍ أن يعتقد الإنسان، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "ألا وإنَّ في الجسدِ مُضغةً، إذا صلُحَتْ صلُحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدت فسد الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ" صحيح مسلم، فإذا فسد القلب فسدت الأعمال، ولا يلزم من فساد الأعمال أن يكون القلب فاسدًا في كل شيءٍ، إنما القلب إذا فسد، فسدَ ما يترتب عليه من أمور، بل إنك إذا آمنت، وإذا صدّقت بقلبك واعتقدت فذلك من لوازم الإيمان، وهذا ما أخذ به بعض العلماء، قالوا: يلزم، فمن لوازم الإيمان بقلبك أن تنطق بلسانك؛ لتعبّر عما في قلبك، وأن تعمل بذلك، هذا من لوازم الإيمان، يعني: الإيمان بالقلب له لوازئم، من لوازمه: أن تنطق بالشهادتين، بالإيمان، وأن تعمل بمقتضاهما.

ولذلك أبو بكرٍ -رضي اللَّه عنه- قال لما ذكّره عمر بقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أليس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه، وبقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقه"، قال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: ومن حقه إيتاء الزكاة، واللَّه لأُقاتلنَّ من فرّق بين الصلاة والزكاة.

فأبو بكر فهم أن من حق الشهادتين: إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، هذا من لوازمهما، إذن من اللوازم التي تلزم الإنسان كي يكون مؤمنًا، أن ينطق بلسانه، وأن يعمل بجوارحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>